الثلاثاء، 21 يونيو 2022

المنتخب من الأبيات الشعرية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المنتخب من الأبيات الشعرية


انتقاء/ عبداللطيف بن محمد البلوشي

 

 

أمطري لؤلؤاً سماء سرنديب
أنا إن عشت لست أعدم خبزاً
همتى همة الملوك ونفسي

 

وفيضي آبار تكرور تِبرا
وإذا مت لست أعدم قبرا
نفس حرٍ ترى المذلة كفرا

 

لا يدرك المجد إلا سيد فطن
لولا المشقة ساد الناس كلهم

 

لما يشق على السادات فعّال
الجود يفقر والإقدام قتال

 

فكن رجلاً رجله في الثرى

 

وهامة همته في الثريا

 

ولو كان في قلب المحب صبابة

 

لسار على الأقدام في الشوك والحفى

 

ولا تقل الصبا فيه مجال
تفر من الهجير وتتقيه

 

وفكركم صبي قد دفنتا
فهلاَّ من جهنم قد فررتا

  

أقسمت أن أوردها حرة
إما فتى نال المنى فاشتفى
إذا سألت الله في كل ما
بهمة تخرج ماء الصفا

 

وقاحة تحت غلام وقاحْ
أو فارس زار الردى فاستراحْ
أملته نلت المنى والنجاحْ
وعزمةٍ ما شابها قول آحْ

 

إني نزلت بكذابين ضيفهم
جود الرجال من الأيدي وجودهموا

 

عن القرى وعن الترحال مردود
من اللسان فلا كانوا ولا الجود

 

ماء وخبز وظل
كفرت نعمة ربي

 

ذاك النعيم الأجل
إن قلت إني مقل

 

عسى فرج يكون عسى

 

 

نعلل أنفسنا بعسى

فلا تجزع إذا حملت هماً يقطع النفسا

 

 

فأقرب ما يكون المرء من فرج إذا يئسا

 

هي الأيـام والغيــر
أتيـأس أن ترى فرجاً

 

وأمر الله ينتظــر
فأيـن الله والقـدر

 

إذا اشتملت على اليأس القلوب
وأوطنت المكـاره واطمـأنت
ولم تر لانكشـاف الضر نفعاً
أتـاك على قنـوط منك غوث
وكل الحـادثات وإن تناهـت

 

وضاق بما به الصدر الرحيب
وأرست في أماكنها الخطـوب
وما أجـدى بحيـلتـه الأريب
يمن بـه اللطيـف المستجيـب
فموصــول بها فرج قريـب

 

لا تيأس عند النــوب
واصبر إذا ما ناب خطب
وترج من روح الإله

 

من فرجة تجلو الكرب
فالزمان أبو العجـب
لطـائفـاً لا تحتـسب

 

لا تعجـلن فربمـا
فالعيش أحلاه يعـو
ولربما كره الفتـى

 

عجل الفتى فيما يضره
د على حـلاوته بمره
أمـراً عـواقبه تسره

 

مقامَة الفرج بعد الشدة

 
لطائف الله وإن طال المدى

 

 

كلمحة الطرف إذا الطرف سجى

كم فرج بعد إيـاس قد أتى

 

 

وكم سرور قـد أتى بعد الأسى

 

أيهـا المشتـكي ومـا بك داء

 

 

كيـف تغـدو إذا غدوت عليلا

أترى الشوك في الورود وتعمى

 

 

أن تـرى فوقـه الندى إكليـلا

والـذي نفسـه بغيـر جمـالٍ

 

 

لا يرى في الوجود شيئاً جميلا

 

 

اشتدي أزمة تنفرجي

 

قد آذن ليلك بالبلج

 

 

بكيتُ على الشباب بدمع عيني
فيا أسفاً أسفتُ على شبابٍ
عَريتُ من الشباب وكان غضا
ألا ليت الشبابَ يعود يوما

 

فما نفع البكاءُ ولا النَّحيبُ
نعاه الشيبُ والرأس الخضيبُ
كما يَعْرَى من الورق القضيبُ
فأخبره بما فعل المشيبُ

 

أقبل على اللذات ويحك إنه

 

 

تطوى بك الأيام والساعاتُ

واترك مواعظ من يُخوِّف بالردى

 

 

قبل الردى يا صاحبي أوقاتُ

 

هب الشبيبة تبدي عذر صاحبها

 

 

ما بال أشيب يستهويه شيطان

 

والله لو عاش الفتى في عمره

 

 

ألفاً من الأعـوام مالك أمره

ما كان ذلك كله في أن يفي

 

 

فيها بأول ليـلة فـي قبـره

 

من مخبر القوم شطت دارهم ونأت
عفت السياسة حتى ما ألم بها
لأنَّها جَشَّمِتني كلَّ نائبةٍ

 

أني رجعت إلى كتبي وأوراقي
وقد رددت إليها كل ميثاقِ
وأنّها كلفتني غير أخلاقي

 

لا تل الأحكام وإن هموا سألوا

 

 

إن نصف الناس أعداء لمن ولي الأحكام وهذا إن عدل

 

الكلب أكرم عشرة
من معشر طلبوا الرئاسة

 

وهو النهاية في الخساسه
قبل تحقيق الرئاسه

 

كدعواك كل يدعي صحة العقل

 

ومن الذي يدري بما فيه من جهل

 

فيا موت زر إن الحياة ذميمة

 

ويا نفس جدِّي إن دهرك هازل

  

لو كنت من مازن لم تستبح إبلي
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم
لا يسألون أخاهم حين يندبهم

 

بنوا اللقيطة من ذهل ابن شيبانا
طاروا إليه زرافات ووحدانا
في النائبات على ما قال برهانا

 

 

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
وهل أردن يوماً مياه مجنة

 

بوادٍ وحولي إذخر وجليل
وهل تبدون لي شامة وطفيل

 

تمنيت الحجاز أعيش فيها
سقى الله الحجاز  وساكنيها

 

فأعطى الله قلبي ما تمنى
وأمطر كل رابية ومغنى

 

لا ينكتون الأرض عند سؤالهم

 

 

لتطلب الأعذار بالعيدانِ

بل يشرقون وجوههم فترى لها

 

 

عند السؤال كأحسن الألوانِ

وإذا الغريب أقام وسط رحالهم

 

 

ردّوه رب صواهل وقيانِ

وإذا دعا الداعي ليوم كريهة

 

 

سدوا شعاع الشمس بالفرسان

 

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

 

 

أنيـس ولـم يسمر بمكة سـامرُ

بلى نحـن كنـا أهلهـا فأبادنــا

 

 

صروف الليالي والجدود العواثرُ

 

فقل للعيـون الرمـد للشمـس أعيـنٌ

 

 

تراها بحق في مغيـب ومطلعِ


وسامح الله عيوناً أطفأ الله نورها

 

 

بأهوائها لا تستفيـق ولا تعي

 

هنا الأماني هنا الأمجاد قد رفعت

 

 

هنا المعالي هنا القربى هنا الرحمُ

هنا القلـوب استفاقت من معاقلها

 

 

هنا النفـوس أتت للحق تزدحـمُ

هنا رواء هنـا فجـر هنـا أمل

 

 

هنا كتـاب هنا لـوح هنا قلـمُ

 

هذي بلادي وهذي منتهى أملي

 

 

هذا التـراب الذي أهديته زجلي

هذا المكان بـه ميـلاد قدوتنا

 

 

هذا رياض الهدى والسادة الأُوَلِ

 في كفك الشهم من حبل الهدى طرف
 طرف

 

 

على الصراط وفي أرواحنا طرفُ

هيهـات رحـلة مسـرانا جحافلنـا

 

 

كما عهدت وعزمـات الورى أنفُ

 

المقامَة المكيّة

 
أحدٌ هتفتَ بها لكـلِّ معطـِّل

 

 

أنت المـؤذن للرسـول فرتِّلِ

واهزم بصوتك كل طاغٍ فاجـر

 

 

 

 

واسحق بقولك كل زحف باطلِ

 

وفي رُبى مكة تأريـخ ملحمـة

 

 

على ثراها بنيـنا العالم الفانـي

 

أمر على الديار ديار ليلى
وما حب الديار شغفن قلبي

 

أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
ولكن حب من سكن الديارا

 

لما رأينا الربع سال دموعنا
أنا لست أذكر ربع من قتل الهوى

 

شوقاً لساكنه ومن يهواهُ
لكن أرتل ذكر من أحياهُ

 

المقامَة المدنيّة

 
قبل القلب على سفح اللوى
تنشد الربع وهل يخبرها

 

واقفات راجفات ماثلات
دارس فيه جلال الذكريات

 

ما هزني ذكر أشجان وأطلال
لكن هنا المجد والتأريخ قد جمعا

 

أو خيمة عرضت أو معهد بالي
فاكتب بدمعي آهاتي وتسآلي

 

في الدار أخبار يكاد حديثها
شوق فلو أن الحجارة حملت

 

يدع الفؤاد وما له سلوان
ما في الحشا لتصدع الصوان

 

ابك الديار وإلا فاندب الدارا
لا تبخلن بدمع سوف تنفقه

 

فإن في القلب أخباراً وأسرارا
إن شئت غصباً وإلا شئت مختارا

 

 

المقامَة النجديّة

 
يـا صـاحبي قفا لي واقضيـا وطـراً

 

 

وحدثاني عن نجـد بأخبـارِ

هل أمطرت روضة الوعساء أو صدحت

 

 

حمامة البين أو غنت بأشعارِ

 

أقول لصاحبي والخيل تجري
تزود من شميـم عـرار نجد

 

بِنا بَيْن المجـرةِ والضمـار
فما بعد العشيـة من عـرار

 

المقامَة النجديّة

 
يا صاحبي قفا لي واقضيا وطراً

 

وحدثاني عن نجد بأخبار

 

جبل التوباد حياك الحيا

 

وسقى الله زماناً ورعى

  

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد

 

 

لقد زادني مسراك وجداً على وجد

 

 

ألا هُبّي بصحنك فاصبحينا

 

ولا تبقى خمور الأندرينا

 

جعلت لعراف اليمامة حكمه
فو الله ما من رقية يعلمانها
فقالا شفاك الله والله ما لنـا

 

وعراف نجد إن هما شفيــاني
ولا شربـة إلا بهــا سقيـاني
بمكنون ما تحـوي الضلوع يدانِ

 

ألم تغتمض عيناك ليلة ثرمدا

 

وعادك ما عاد السليم المسهدا

 

إذا بلغ الرضيع لنا فطاما
ونشرب إن وردنا الماء صفواً

 

تخر له الجبابر ساجدينا
ويشرب غيرنا كدراً وطينا

   

ابدأ بنا في رأس كل صحيفة

 

 

أسماؤنا في أصلها عنوان

وإذا كتبت رواية شرقية

 

 

فحديثنا من ضمنها تيجان

 

كنا جبالاً في الجبال وربما
بمعابد الإفرنج كان أذاننا

 

سرنا على موج البحار بحارا
قبل الكتائب يفتح الأمصارا

 

أرض إذا طاولت هام جبالها
وإذا دخلت غياضها ورياضها

 

قالت تواضع أيها الإنسانُ
غنَّى الحمام وصفق الريحانُ

 

إذا كبر الأزدي في حومة الوغى
ويطربهم وقع الرماح فما لهم
أويسية دوسية عزماتهم

 

رأيت شجاعاً سيداً وابن سيدِ
سماع لعود أو غناء لمعبدِ
كتائبهم تسعى لنصرة أحمدِ

 

فالطير يرسل للعشاق أغنية
في كل يوم لهم عيد بأرضهمُ
أرض إذا جئتها أهدتك زينتها

 

والغصن يعزف والأرواح في طرب
فالسحر والشعر بين الجد واللعب
حمالة الورد لا حمالة الحطب

  

إن تسألينا فإنّا معشر نجب

 

الأزد نسبتنا والماء غسان

 

نحن وجه الشمس إسلام وقوة
نحن أزد الله في يوم الردى
وأويس جدّنا من قرن
والسيوف البيض في أيماننا

 

نسب حر ومجد وفتوة
قد وضعنا الكفر في سبعين هوة
أو ما تلمح مجداً في البنوة
يوم ضرب الهام من دون النبوة

 

 إن كيد مطّرف الإخاء فإننا
أو يختلف ماء الغمام فماؤنا
أو يفترق نسب يؤلف بيننا

 

نغدو ونسري في إخاء تالد
عذب تحدر من غمام واحد
دين أقمناه مقام الوالد

 

 

لي في الجزيرة آمال مجنّحة
حي الكويت فلن ننسى مودتها
وفي المنامة سفر الحب نقرؤه
بلغ عمان تحيات مباركة
وطف على دوحة الأحباب مستلما
أما الإمارات فالأشواق تحملنا
خليج ما عرف الأحباب غربتنا


 

في نجدنا حيث يسموا الشعر والخطبُ
محفوظة ما دهاها الهول والعطبُ
على خدود الهوى من حبنا عتبُ
أزدية ولها في أرضنا نسبُ
تلك الربى إن قلب الصب ملتهبُ
لأرضها وعليها تشهد الكتبُ
وقد أساء لنا الحساد إذ كذبوا

 

وأحيانا على بكر أخينا

 

 

إذا ما لم نجد إلاّ أخانا

 

أسد علي وفي الحروب نعامة

 

 

فتخاء تنفر من صفير الصافر

 

نزلنـا على قيسيّــة يمنيــّة
فقالت وأرخت جانب الستر بيننا
فقلت لها : أمـا رفيـقي فقومـه
رفيقانِ شتّـى ألّف الدهر بيـننا

 

لها نسب في الصالحين هِجانِ
لأية أرض أمْ من الرجلانِ
تميـم وأما أسرتي فيمانــي
وقد يلتقي الشتـّى فيـأتلِفانِ

 

ألا أيها الركب اليمانون عرِّجوا

 

 

علينا فقد أضحى هوانا يمانياّ

نُسائلكم هل سال نعمان بعدنا

 

 

وحب إلينا بطن نعمان واديا

 

المقامَة اليمانيَّة

 
ألا لا أحب السير إلا مصاعداً

 

ولا البرق إلا أن يكون يمانيا

 

فألقى بصحراء العبيط بعاعه

 

كفعل اليماني ذي العياب المحمّلِ

 

مزقيني يا ريح ثم انثري

أشلاء جسمي في جو تلك المعاني

وزعيني على الجبال والغدران

بين الحقول والأغصان

وصلي جيرتي وأحبابي

وقصِّي عليهموا ما دهاني

هل بكاني هزارها هل رثاني

طيرها هل شجاه ما قد شجاني

ليت للروض مقلة فلعل الدهر

يبكيه مثلما أبكاني

 

المقامَة اليمانيَّة

 
برغم شبيبٍ فارق السيف كفّه

 

 

وكانا على العلات يصطحبانِ

كأن رقاب الناس قالت لكفه

 

 

رفيقك قيسيٌّ وأنت يماني

 

نحن اليمانين يا طه تطير بنا

 

 

إلى روابي العلا أرواح أنصارِ

إذا تذكرت عماراً وسيرته

 

 

فافخر بنا أننا أحفاد عمارِ

 

اجلس برفق عليك التاج مرتفعاً
تلك المكارم لا قبعان من لبن

 

بقصر غمدان دار منك محلالا
شيبا بماء فعادا بَعْدُ أبو الا

 

ولو كنت بوابًا على باب جنةٍ

 

لقلت لهمدان ادخلوا بسلامٍ

 

المقامَة اليمانيَّة

 
يمنيــّون غيـر أنّا حفـاة
قد روينا الأمجاد جيلاً فجيلاً

 

قد وطئنا تيجان كسرى وقيصرْ
جدنا صـاحب الحضارات حميرْ

 

أرض ثراها لؤلؤ وترابهـا
يتلو بها القمري آيات الهوى

 

مسك وطينة أرضها من عنبرِ
والطيـر بين مسبـح ومكبـرِ

 

صنعاءَ صغنا لكِ الأشعار والكتبا
والكتبــا

 

 

لكِ الوفاء فلا تبدي لنا العتبــــا

على جفونكِ قتلى الحب قد صرعوا

 

 

حتى الذين بقوا قتلى ومن ذهبـــا

رواية السحر في عينيكِ أغنيــة

 

 

والحسن في وجهكِ الوضّاح قد سكبا

ليت الهوى ترك الأرواح سالمـة

 

 

فهو الذي رد بالألحاظ ما وهبـــا

إن كنتِ تبكين يا صنعاء من ولهٍ

 

 

فقد سكبنا عليكِ الغيث والسُّحبـــا

استغفري أنتِ مما تفعليـن بنــا

 

 

هذا الجمال اليماني يقتل العربـــا

 

يا بريطانيا رويداً رويـدا
إن بطش الإله أهلك فرعو
لا تظنوا هدم المدائن يودي
إن تبيدوا من البيوت بطيارا
فلنا في الجبال تلك بيوت
فالنـزال النـزال إن كنتموا ممن
لتروا من يبيت منّا ومنكم
أفترجوا انكلترا في بلاد الله

إن بطش الإله كان شديـدا
ن وعاداً من قبلكم وثمـودا
عزمنا أو يلين بأساً صليـدا
تكم ما غدا لدنيا مشيــدا
نحتتهـا أجدادنا لن تبيـدا
لدى الحرب لا يخاف البنودا
موثقاً عند خصمه مصفودا
أرضـاً وموطناً وخلـودا

 

المقامَة اليمانيَّة

 
كذبت والإله ما كان حتى
بعد أن تسفك الدماء على الأرض
ما خضعنا للترك مع قربهم في
وهم في الأنام أشجع جيشٍ
يا بني قومنا سراعاً إلى الموت
والبسوا حلة من الكفن الغالي
سارعوا سارعوا إلى جنة قد

 

نملأ الأرض والسماء جنودا
وتروي سهولهـا والنجودا
الدين منا فكيف نرضى البعيدا
فاسألوهم قد صادفونا أسودا
فقد فاز من يمـوت شهيدا
وبيعوا الحيـاة بيعاً مجيدا
فاز من جاءها سعيداً شهيدا

 

 

أمة أمهرت المجد النفوسا

 

 

بذلت للدعوة الكبرى الرؤوسا

 

على الميامن تلقانا جحاجحةً

 

 

بعنا من الله أروحاً وأبدانا

 

نحن وجه الشمس إيمان وقوة

نسب حر ومجد وفتوة

كَربُ عمي وقحطان أبي

وهبوا لي المجد من تلك الأبوّة

والسيوف البيض في وجه الدجى

يوم ضرب الهام من دون النبوّة

 

 

 

سلِّم على الدار من شجو ومن شجن

 

 

 

 

وانظر إلى الروض من سحر ومن حسنِ

 

 

يا لوحة نسخت فيها مدامعنا



 

 

 

 

قلبي بروعة هذا الوجد في اليمنِ

 

 

الشاعرية في روائع سحرها

أنت الذي سويتها وصنعتها

مالي بها جهد فأنت نسجتها

ونشرتها بين الورى وأذعتها

أنت الذي بسناك قد عطرتها

وكتبتها في مهجتي واشعتها

ابعدتني عن امة أنا صوتها

العالي فلو ضيعتني ضيعتها

ما قال قومي آه إلا جئتني

وصهرت أحشائي بها ولسعتها

عذبتني وصهرتني ليقول عنك

الناس هذى آية أبدعتها

 

 

يا مصر كل حديث كنت أحفظه
جرت دموعي على أعتاب داركمو

 

نسيته عند أهل التل والدارِ
يا مصر كل الهوى في نيلك الجارِ

 

سارت إلى مصر أحلامي وأشواقي

 

 

وهلَّ دمعي فصرت الشارب الساقي

وفي ضلوعـي أحـاديـث مرتلة

 

 

ومصـر غايـة آمالي وترياقـي

 

أرض إذا ما جئتها متقلبـاً

 

 

في محنة ردتك شهمـاً سيّـداً

وإذا دهاك الهم قبل دخولها

 

 

فدخلتها صافحت سعداً سرمداً

 

دخلنا مصر والأشواق تتلى
جمال يسلب الألباب حتـى


 

وكل الأرض أنسام وطلُ
كأن القتل فيها يستحـلُّ

 

أين الذي الهَرَمان من بنيانه
تتخلف الآثار عن أصحابها

 

ما يومه ما ذِكْره ما المصرعُ
يوماً ويدركها الفنـاء فتتبـعُ

 

من لقلب حل جرعاء الحمى

 

 

ضاع مني هل له ردّ عليّ

فاسألـوا سكان مصر إنـه

 

 

حل فيهم فليعد طوعاً إليّ

 

 

قمر دمشقي يسافر في دمي
الحب يبدؤ من دمشق فأهله
والماء يبدؤ من دمشق فأينما
ودمشق تهدي للعروبة لونها

 

وسنابل وخمائل وقباب
عشقوا الجمال وذوبوه وذابوا
أسْنَدتَ رأسك جدول ينساب
وببابها تتشكلّ الأحزاب


 

لله در عصابة نادمتهم
أبناء جفنة حول قبر أبيهم

 

يوماً يحلق في الزمان الأول
قبر ابن مارية الكريم المفضل

 

سلام من صبا بردى أرق
ومعذرة اليراعة والقوافي
دخلتك والأصيل له ائتلاق

 

ودمع لا يكفكف يا دمشق
جلال الرزء عن وصف يدق
وملأ رباك أوراق ووُرْق

 

ألقيت فوق ثراك الطاهر الهدبا
دمشق يا كنـز أحلامي ومروحتي

 

فيا دمشق لماذا نكثر العتبا
أشكو العروبة أم أشكو لك العربا

 

لولا دمشق لما كانت بلنسية
أتى يصفق يلقانا بها بردى

 

ولا زهت ببني العباس بغدان
كما تلقاك دون الخلد رضوان

 

يا ابن الوليد الأسيف تناولنا
لا تخبروه رجاءً عن هزائمنا

 

فإن أسيافنا قد أصبحت خشبا
فيمتلئ قبرُه من قومه غضبا

 

القصر والبئر والجماء بينهما

 

أشهى إلى النفس من أبواب جيرون

 

فارقتها وطيور القاع تتبعني
كأنما الطير يهوى حسن طلعته

 

بكل لحن من الفصحا تغنيني
بانت دمشق فيا أيامنا بيني

 

من مخبر القوم شطت دارهم ونأت
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا

 

أني رجعت إلى أهلي وأوطاني
بالرقمتين وبالفسطاط جيراني

 

لبغداد العراق دموع صب
تذكّرك الربوع حياة قوم

 

على عرصاتها ذبنا غراما
هموا كانوا لدنيانا قواما

 

 

ما الدار بعدَك يا بغداد بالدار

 

 

تفنى عليك صباباتي وأشعاري

أنت المنى وحديث الشوق يقتلني

 

 

من أين ابدأ يا بغداد أخباري

 

سقوني وقالوا لا تغنِّ ولو سقوا

 

 

جبال سلمى ما سُقِيتُ لَغنّتِ

 

لو حل خاطره في مقعد لمشى

 

 

أو ميت لصحا أو أخرس خطبا

 

من كالبخاري إذا ما قال حدثنا

 

 

أو بوّب الباب أو شدَّ الأسانيدا

كأنما هو إلهام يعلمه

 

 

أو أنّه قبس يعطاه تأييدا

 

بغداد يا فتنة الشرق التي خلبت

 

 

بسحرها العقل والأقلام والأدبا

ماذا أردد يا بغداد من حزني

 

 

إذا ذكرتك بعت الهم والنصبا

 

 

لله يا بغداد أنت نشيدة

 

 

غنت بك الأعصار والأمصار

من لم ير ذاك الجمال فإنه

 

 

ضاعت عليه مع المدى الأشعار

 

 

ماذا أصابك يا بغداد بالعـين

 

 

أليس كنت يقينا قرة العين

 

 

أطفال يافـا يصرخون وما لهم
يا رب يا رحمـن فانصـر أمة

 

عمرو ولا سعد ولا خطابُ
قد أُغلقت من دونها أبوابُ

 

كنا أسوداً ملوك الأرض ترهبنا

 

 

والآن أصبح فأر الدار نخشاه

 

 

نساء فلسطين تكحّلن بالأسى
وليمون يافا يابس في حقوله

 

وفي بيت لحم قاصرات وقُصّرُ
وهل شجر في قبضة الظلم يثمرُ

 

من حاله وهي في حبس تزلزلهُ

 

 

مصائب البين لا يرثي له أحدُ

 

 

أيا فلسطين قد أهديتنا عتبا

 

 

متى اللقاء عسى ميعادنا اقتربا

نعم أتينا وفي إيماننا قضب

 

 

مسلولة تمطر الأهوال والغضبا

 

 

مررت بالمسجد المحزون أسأله
تغير المسجد المحزون واختلفت
فلا الأذان أذان في منائره

 

هل في المصلى أو المحراب مروان
على المنابر أحرار وعبدان
من حيث يتلى ولا الآذان آذان

 

رب وامعتصمـاه انطلقت
لامست أسماعهم لكنها
ألإسرائيل تعلو راية
أو ما كنت إذا البغي اعتدى

 

مِلء أفواه الصبايا اليتم
لم تلامس نخوة المعتصم
في حمى المهد وظل الحرم؟
موجة من لهب أو من دمِ؟

 

وليمون يافا يابس في حقوله

 

 

وهل شجر في قبضة الظلم يثمرُ

رفيق صلاح الديـن هل لك عودة

 

 

فإن جيوش البغي تنهـى وتأمـرُ

رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم

 

 

وجيشك في حطين صلّوا وكبَّروا

 

 

 

 

مهلاً فديت أبا تمام تسألني

 

 

كيف احتفت بالعدا حيفا أو النقبُ

اليوم تسعون مليوناً وما بلغوا

 

 

نضجاً وقد عصر الزيتون والعنبُ

وأطفأت شهب الميراج أنجمنا

 

 

وشمسنا وتحدت نارها الخطبُ

تنسى الرؤوس العوالي نار نخوتها

 

 

إذا امتطاها إلى أسيادها العربُ

 

 

سيصغي لها من عالم الغيب ناصر

 

ولله أوس آخرون وخزرجُ

  

لا تهيئ كفني ما مت بعد
أنا تاريخي ألا تعرفه

 

لم يزل في أضلاعي برق ورعد
خالد ينبض في قلبي وسعد

 

  هل سألت الدهر عنا يوم كنا
ونشرنا في بلاد الله نورا

 

كنجوم الليل للجوزا وصلنا
نقلت أخبار أهل الفضل عنا

 

هذا جزاء أناس بالهوى غلبوا

 

 

وقصروا في أمور الدين فاستلبوا

كانوا شموساً عيون الناس ترمقهم

 

 

لكنهم بعد طول الدهر قد غربوا

 

يا رب هل من عودة للدين في

 

 

أرض فتحناها برسم الدين

شِدْنا بها صرح العلوم فأصبحت

 

 

تاجاً لكل موحد مأمـون

 

أضحى التنائـي بديلاً من تدانينا

 

 

وناب عن طيب لقيانا تجافينا

 

 

جادك الغيث إذا الغيث همى

 

 

يا زمان الوصل في الأندلسِ

 

لكل شيء إذا ما تم نقصان

 

 

فلا يغر بطيب العيش إنسان

 

أعندكم خبر عن أهل أندلس

 

 

فقد سرى بحديث القوم ركبان

تلك الفجيعة أنست ما تقدمها

 

 

وما لها في قديم الدهر صنوان

لمثل هذا يذوب القلب من كمد

 

 

إن كان في القلب إسلام وإيمان

  

يا سلام الله لحكمة هو وخان

 

وانعم يا سياف حضرة جنبخان

 

قايد القوات فيهم جنخاني

 

كم عدو بأرض كابل جنخوه

 

 

 

اللهب في المعركة سوَّى دخان

 

والعساكر كل واحد جنخان

 

كل جندي جاب مركب جنخاني

 

يوم كل يتقي في جنب خوه

 

 

نامني نزام شرقيا
مصطفى مجتبـي

 

نامني نزام غربيا
حبيبيا محمّـدا

 

 

من بلادي يطلب العلم ولا
وبها مهبط وحي الله بل

 

يطلب العلم من الغرب الغبي
أرسل الله بها خير نبي

 

سقى الله أرضاً لامس الوحي أرضها

 

 

وجميـلها بالشـيح والنفـلانِ

فأنتِ التي أسكنـتِ حـبكِ مهجتي
 مـهجتي

 

 

وسحـرك في عيني وملءُ جناني

 

اقرأ القدرة في الكون البهيج
قـل هو الـرحمن آمنا به

 

لا تكن يا صاحِ في أمر مريج
قدس الباري ورتل  في نشيج

 

هل أشرق الفـجر إلا من مآذننا

 

 

وهل همى الغيث إلا من مآقيـنا

حتى النجوم على هاماتنا سجدت

 

 

والشمس في حسنها قامت تحيينا

 

تكاد تسقط من أفعالكم غضباً

 

 

هذي السماء وتخبو منكم الشهب

والجو يظلم مما تصنعون فيا

 

 

ويح الحضارة إذ ما صانها الأدب

 

نحن هل تدري بنا للناس فجرُ

 

 

قصدنا جـنّة مـولانا وأجرُ

قد ملأنا الأرض عدلاً وارفاً

 

 

وسِوانا في الورى عُجْرٌ وبجرُ

  

لو أن للدهر عيناً منهموا دمعت

 

 

أو أن للصخر قلباً نابضاً لبكى

أزروا بأمتهم من سوء سيرتهم

 

 

لأجلهم كم سألنا الموت لو فتكا

 

ليت البراكين في أرجائها رقصت
وليت أن صدى الزلزال زعزعها

 

 

 

والرعد يا ليته في أرضها خطبا
حتى تصير على أطلالها لهبـا

 

لا أسأل الله تغييرا لما فعلت
فالليل أطول شيء حين أفقدها

 

نامت وقد اسهرت عيني عيناها
والليل أقصر شيء حين ألقاها

 

 

ليلي وليلـى نفى نومي اختلافـهما

 

 

في الطُّول والطَّول طوبى لي لو اعتدلا

يجود بالطُّول ليلـي كلـما بخـلت

 

 

بالطـّول ليـلى وإن جادت به بخـلا

 

ولـو أن النسـاء كمـن عرفنـا

 

 

لفضِّـلت النساء على الرجالِ

فما التأنيـث لاسم الشمس عـيبٌ

 

 

ولا التـذكير فخــرٌ للهـلالِ

 

 

 

بشرى من الغيب ألقت في فم الغار

 

 

وحياً وأفضت إلى الدنيا بأسرارِ

بشرى النبوة طافت كالشذى سحرًا

 

 

وأعلـنت في الدنـا ميلاد أنوارِ

وشقّت الصمت والأنسـام تحمـلها

 

 

تحت السـكينة من دارٍ إلى دارِ

 

مالـي تطاوعني البـريـة كلهـا

 

 

وأطيعهن وهُـنَّ في عصيـاني

 

 

 هي بنـت مَـنْ هـي أم مَـنْ

 

 

من ذا يساوي في الأنام علاهـا

أمـا أبوهـا فهو أشرف مرسلٍ

 

 

جبريل بالتوحيـد قد ربـّاهـا

وعليُّ زوجٌ لا تسلْ عنه سـوى

 

 

سيـفٌ غدا بيـمينـه تيَّـاها

 

  

ومن لم يذدعن حوضه بسلاحه

 

 

يهدم ومن لا يظلم الناس يُظلمِ

 

أنا ابن جلاّ وطلاّع الثنايا

 

 

متى أضع العمامة تعرفوني

 

 

 

 من يذم الشعيـر عنـدي حقيـر

 

 

فهـو بالذم والملام جديـرُ

هو عنـدي ألـذُّ من كلّ شـيء

 

 

ليـت أن الجبال تلك شعيـرُ

  

يا تيـس ليـت لنـا مكانٌ نلتقي

 

 

فيـه ليعرف هزلنـا من جِدِّنا

فـإذاً لعـرّفنـاك أنـّا سـادةٌ

 

 

نلنـا المكـارم كابراً من جَدِّنا

 

وهـل مثـلي يخون بعهـد خلٍّ

 

 

إذا أعطى ويحنث في اليميـن

فلـو أن الحمامـة صـدقتنـي

 

 

وَفيـت ولو أقامت في يمينـي

 

مقامَة الحيوان

 
 


يـا أيـها الصياد لست هنا أنـا

 

 

فارحل ودع عنك المشقة والعنا

لو كنت عندك يا أخي أبصرتني

 

 

وكـذاك أنـت فلست أيضًا عندنا

 

 

 

احتـل لنفسك في زمـان الحيلة

 

 

أظهر لمن تنوي الردى تهليلة

واخدع فأنت بأمة مخـدوعـة

 

 

فنفوسهم عنـد العطـاء بخيلة

فالمكر فيهم سنة معروفـة

 

 

يسعـون للدنيـا بكل وسيـلة

 

لزمت المصلّى وانقطعت إلى الذكرِ

 

 

وتبت إلى الرحمان من عـادة المكرِ

وألزمت نفسي الصدق في كل حالة

 

 

وأشغلت بالإخلاص يا صاحبي فكري

 

مقامَة الحيوان

 
واحسرتاه كيـف صدقنا الأشـر

 

 

ومكـره بيـن البرايـا منتشـر

هـذا جـزا من صدق الكذّابـا

 

 

وأمِن الرفقة والأصحابا

وصـاحب العقل يخاف العاقبـة

 

 

مُـهيّئـًا لخصـمه مخـالبــه

 

مـوتي بغيظك يا دجاجـة إننـي

 

 

كيـد الحسـود وناصر الإخوانِ

رأيي تقدم في الحيــاة شجاعتـي

 

 

والرأي قبل شجاعـة الشجعـانِ

 

مقامَة الحيوان

 
أغبى من النـاس عيني لم تر أحدًا

 

 

إلا القليـل فلا تحفـل بهم أبـدا

هم كذبوا رسـل الله الكـرام فهل

 

 

تريد منهم على طـول المدى سندا

أما تراهم وهذا المـوت يطلبهـم

 

 

لاهين في الأرض لا تأنس لهم رشدا

 

 

لا تثق يا صـاح في هـذا البشر

 

 

فالغبـا والجهـل فيـهم منتشــرْ

هم عصـوا خـالقهم سبحانــه

 

 

وهـو المنعم والكـافـي الضـررْ

 

لا تـأمن الليـث أبـا أسـامـة
وفِـرّ منـه فهـو لا يحـابـي

 

فإنـه سـلّ لنـا حسـامـَه
وذكره قد جـاء في الكتـابِ

مقامَة الحيوان

 

 

أشجع كـل الكائنـات حيـدره

 

 

سـمَّاه ربي في الكتاب قسـورة

فقلبـه في الروع أقسى من حجر

 

 

لطـالـما أقسـم عمـدًا وفجـر

 

هـذا الهزبـر ملك في الغـابة

 

 

كشّر للمـوت مصرًّا نـابَــه

تبَّت يـدا مـن أَمَّه ونـازلَـه

 

 

ويـل لمـن عانـده وقاتلَــه

 

أنا الذي أرهب الدنيـا بصولته
 بصـولتـه

 

 

ولـم أخـف عندما آتى الردى بشرا

واليـوم تغلبني الثيـران عن سفه
 كثـرت

 

 

يا جاهلاً عن ثبات الليث سوف ترى

 

 

هـذه الحيلة من نسْــج الأسـد

 

 

يـوم يلقـانا ببغـي وحسـد

مصرعـي مصرعكم لـو تعلموا

 

 

غيـر أن الرأي منكم قـد فسد

 

يا عثـرة الرأي هذي عثـرة القـدم

 

 

ويا حيـاتي هـذي سـاعـة النـدمِ

يا فرقـة مزقتنـا حـاكهـا لبـقٌ

 

 

صرنا بها ضحـكة للعـرب والعجمِ

 

 

وحارِبْ إذا حاربت بالرأي والقنا

 

 

 

 

وكن واحدًا لدنيا وعبدًا لواحدِ

 

 

ولا تخـش مخلوقًا فربك حـافظ

 

 

 

 

فما انقادت الأمجاد إلا لماجدِ

 

   لقد لامني عند القبور على البكا
أَمِنْ أجلِ قبرٍ بالملا أنت نائح
فقال : أتبكي كل قبرٍ رأيتهُ
فقلتُ له : إن الشَّجا يبعث الشَّجا

 

رفيقي لتذرافِ الدموع السوافكِ
على كل قبرٍ أو على كل هالكِ
لِقبرٍ ثوى بين اللّوى فالدّكادِكِ
دعوني ، فهذا كله قبرُ مالكِ

  

مقامَة الموت

 
ستنقلك المنايا عن ديارك
فدود القبر في عينيك يرعى

 

ويبدلك البِلا داراً بدارك
وترعى عين غيرك في ديارك

 

هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها

 

متى حُطَّ ذا عن نعشه ذاك يركب
وعلّ الـردى مما نرجيه أقرب

 

أتيت القبور فناديتها
تفانوا جميعاً فما مخبر
فيا سائلي عن أناس مضوا
تروح وتغدو بنات الثرى

 

أين المعظّم والمحتقر
وماتوا جميعاً ومات الخبر
أما لك فيما مضى معتبر
فتمحو محاسـن تلك الصور

 

صاحِ! هذي قبورنا تملأُ الرّحـ
خفِّفِ الوطء ما أظنُّ أدِيمَ الأ
سِرْ إن اسطعتَ في الهواء رويدا
رُبَّ لحدٍ قد صار لحداً مرارا
ودفينٍ على بقايا دفينٍ
تعبٌ كلها الحياةُ فما أعـ
إنَّ حزناً في ساعة الموت أضعا

 

ـبَ فأين القبورُ من عهدِ عادِ ؟
رضِ إلا من هذه الأجسادِ
لا اختيالاً على رُفاتِ العبادِ
ضاحكٍ من تزاحم الأضدادِ
في طويل الأزمان والآبادِ
ـجبُ إلا من راغبٍ في ازديادِ
فُ سرورٍ في ساعة الميلادِ

 

باتوا على قللِ الأجبالِ تحرسهم
واستنـزلوا بعد عز من معاقلهم
تلك الوجوه التي كانت محجبة
لطالما أكلوا يوماً وكم شربوا

 

غلب الرجال فما أغنتهم القلل
إلى مقابرهم يا بئس ما نزلوا
من دونها تضرب الأستار والحلل
فأصبحوا في لحود الأرض قد أكلوا

 

نعد المشرفية والعوالي
ونرتبط السوابق مقربات

 

وتقتلنا المنون بلا قتالِ
فما ينجين من خبب الليالي

 

الموت يفجؤ بعد العين بالأثر
أنهاك أنهاك لا آلوك موعظة
هي المنايا وقاك الله سطوتها
ومرّغت قيصر الرومي ودولته
ليت المنايا رعت من كان ذا همم
وليتها إذ فدت عمراً بخارجة
وابن الزبير أتى بالبيت محتميا
قد ذاقها أنبياء الله ما سلموا
دع الليالي مع الأيام تصحبنا

 

فما البكاء على الأشباح والصورِ
عن نومة بين ناب الليث والظفرِ
دكت عروش ذو التيجان والخطرِ
وألصقت خد كسرى أضيق الحفرِ
وزلزلت أشبه الأحياء بالبقرِ
فدت عليّاً بمن شاءت من البشرِ
فمزّقته بقرب الركن والحجرِ
من فتلها فاعتبر ما جاء في السيرِ
فالبِيض والسُمر مثل البَيض والسَمرِ

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق