بسم الله الرحمن الرحيم
الثقافة الإسلامية
المدخل لدراسة الثقافة الإسلامية
أولاً:
مفهوم الثقافة الإسلامية:
* الثقافة
في اللغة: الحذاقة والفطانة، قال صاحب القاموس: ثَقُفَ ككَرُمَ، وثقفاً
وثقافة صار حاذقاً خفيفاً فطناً.
* وأما في الإصطلاح
الشرعي: فالثقافة هي: الفهم العام للحياة بشؤونها المختلفة من منظور إسلامي
صحيح،
وذلك يعني:
أن يكون عند المسلم تصور عام عن موقف الإسلام من أي قضية تطرح في الساحة سواء كانت
اجتماعية أو اقتصادية أو فكرية أو سياسية أو غير ذلك.
- وهذه الثقافة
تتفاوت درجاتها وتختلف مستوياتها بحسب الإحاطة بالمفهوم الإسلامي ومدى القدرة على
الإستيعاب بشمول هذا الدين.
ثانياً:
أهداف الثقافة الإسلامية:
1-
تكوين
الشخصية الإسلامية المتميزة على مستوى الفرد والأمة وإعطاء الهوية الإسلامية
المستقلّة لكل مسلم بحيث يعتز بدينه، ولا تختلط عنده المفاهيم والطروحات المختلفة.
2-
إيجاد
الوعي العلمي الصحيح بحقيقة الإسلام وشموله لكافة متطلبات الحياة.
3-
تنمية شعور
الولاء للأمة الإسلامية والإلحاح على أهميتها ومكانتها ورسالتها العظيمة في
الحياة،
أي:
استشعار مبدأ الجسد الواحد.
4-
تصحيح الفكرة الخاطئة التي
أشاعها أعداء الإسلام في نسبة انحطاط المسلمين إلى تمسكهم بدينهم، وإثبات العكس من
ذلك، وأن تأخر العالم الإسلامي إنما هو
نكوصه عن تعاليم هذا الدين وتفريطه في الإلتزام بهديه وتوجيهاته العامة والخاصة.
ثالثاً:
خصائص الثقافة الإسلامية:
1-
الربـّانية:
فمن خصائص الثقافة
الإسلامية أنها ربانية، إذ أن المسلم يعتقد أن الله تعالى الذي خلقه وخلق هذا
الكون، وجعل كل ما في هذا الوجود يسير على سنة الله مسخّراً لصالح هذا الإنسان،
والحياة في
نظر المسلم ليست هي الغاية الأسمى والمثل الأعلى، بل هي مرحلة لا بُدّ من اجتيازها
بإيجابية واتقان للوصول إلى الدار الآخرة التي هي نهاية المطاف في اعتقاد المسلم.
2-
الجمع بين
الدين والعلم والحياة:
فالدين الإسلامي ليس
بديلاً عن العلم والحضارة، ولا عدوّاً لهما،
وإن من الخداع أن نضع كل
ما يتّصل بالدين من عقيدة وسلوك ومنهاج في كفة، والإبداع الإنساني في عالم المادة
في كفة أخرى، ثم نطلب إلى الإنسانية أن تختار إما الحضارة والعلم وإما الدين،
إن الثقافة الإسلامية تعتبر أن شقاء الإنسان
يمكن في انفصال العلم عن الإيمان، وانفصال الحياة الفكرية عن الأخلاق، وواقع الغرب
أكبر شاهد على ذلك.
3-
إنسانية
النـزعة والهدف:
فالثقافة
الإسلامية عالمية الأُفق والرسالة، تنظر إلى الناس بمقياس واحد، لا تُفسده القومية
أوالعنصرية أو الجنس أو اللون، قال تعالى: { إن أكرمكم عند الله أتقاكم }،
والرابطة التي تربط بين بني الإنسان هي: رابطة العقيدة، بها يرتفع الإنسان
وينخفض،
يقول سيد قطب رحمه
الله: "وحسب هذا المفهوم يكون الوطن داراً تحكمها عقيدة ومنهاج وشريعة من
الله، وتكون الجنسية عقيدة ومنهاج حياة، إن عصبية العشيرة والقوم والجنس واللون
والأرض عصبية صغيرة متخلّفة، عصبية جاهلية عرفتها البشرية في فترات انحطاطها"
1هـ .
4-
الشمول
والثبات:
إن
الثقافة الإسلامية تنبع من الإسلام، ذلك الدين الذي يرسم للناس منهج حياة بشرية
واقعية بكل مقوّماتها، كما قال تعالى: { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
العالمين }.
إنه منهج
يشمل أُسس الحياة كلها، يشمل التصوّر الإعتقادي الذي يُفسّر الطبيعة
ويُحدّد مكان الإنسان فيه، كما يُحدّد غاية وجود للإنسان وللكون كله، ومهمّة
الإنسان فيه، ويشمل النُّظُم الواقعية التي تنبثق من ذلك التصوّر
الإعتقادي،
ويشمل كذلك
النظام الأخلاقي والأُسس التي يقوم عليها، والسلطة التي يستند إليها،
ويشمل النظام
السياسي وشكله وخصائصه،
والنظام
الإجتماعي ومقوّماته وأُسسه،
والنظام
الإقتصادي، والنظام الدولي وعلاقاته وارتباطاته.
* أعظم ما هدم
خاصية ( الإنسانية ) للثقافة الإسلامية هو:
- دعوى
القومية: وهذه القومية أوّل ما نشأت، وأكثر من يهتمّ بها، هم: اليهود، فاليهود
ليست عندهم همّ أن يتهوّد الناس، ويدخلون في دين اليهودية، لأنهم يدّعون أن
اليهودية مكانة ومنزلة شرف لا يلتحق به إلا من كان أبويه يهوديّان أو أحدهما، ومن
هنا تفرّع الإنسان الأوروبي والإنسان الإمريكي،
ثم هجم
فكرة القوميّة على العالم الإسلامي، فخرج فكرة القوميّة العربية،
ويندرج
تحت القوميّة العربية: المسلم والنصراني والكافر واليهودي إذا كان يتكلم بالعربية،
ثم جاء
علاّمة العصر الشيخ: عبد العزيز بن باز رحمه الله، فنقض وهدم هذه القومية في
رسالته,
- ومما هدم
خاصية الإنسانية والعالمية للثقافة الإسلامية: دعوى الوطنية،
وذلك إذا
كان معنى الوطنية أنه يندرج تحتها: المسلم وغيره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق