برنامج الحفظ
محتوى
المذكرة :-
- تعريف
الحفظ
- أقسام
الحفظ
- فوائد
الحفظ
- أهمية
الحفظ
- أوقات
الحفظ
- أخبار
الحفاظ
- تربية
الصبيان على الحفظ
- أماكن
الحفظ
- الأمور
المساعدة على الحفظ
- المأكولات
المعينة على الحفظ
- طرق
إحكام المحفوظ
- آفات
الحفظ
- أبحاث
متعلقة بالذاكرة
- أنواع
المحفوظ
تعريف الحفظ في اللغة:
قال الجوهري في الصحاح: حفظت الشيء حفظاً أي حرسته، وحفظته أيضاً بمعنى
استظهرته. .
قال في لسان العرب: الحفظ نقيض النسيان وهو التعاهد وقلة الغفلة ...
والتحفظ التيقظ، وتحفظت الكتاب أي استظهرته شيئاً بعد شيء .
وفي المعجم الوسيط: الحافظة قوة تحفظ ماتدركه القوة الوهمية من المعاني
وتذكرها، وتسمى الذاكرة أيضاً .
تعريفه في الاصطلاح:
الحفظ في الاصطلاح ملكة يقتدر بها على
تأدية المحفوظ .
أقسام
الحفظ :
الأول: حفظ فطري جبلي.
الثاني: حفظ سببى كسبي.
فبعض الناس جبله الله من صغره على الحفظ، فعقله من أذكى العقول، كالسيف، لا
يسمع آية ولا حديثاً ولا مقطوعة ولا كلمة إلا يحفظها.
ورجل آخر لا يحفظ شيئاً، تحفظه اسمه في النهار، فينسى في العصر.
فإذا آتاك الله ذكاءً فطرياً فنمه، وإذا لم يؤتك حافظة، فحاول أن تفهم
العلم، والفهم أحب من الحفظ و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}
[البقرة:286].
فوائد الحفظ:
1 ـ بقاء المعلومات في الذهن.
2 ـ الاستفادة من الأوقات في تحصيل العلم زيادة على المحفوظ.
3 ـ استحضار المعلومات بكل يسر وسهولة.
4 ـ تظهر فائدته في حالات منها: فقد الكتاب، فقد الإضاءة ليلاً، فقد البصر.
إن الحافظ يقدم على غيره، وتظهر ميزته بين أهل العلم أنفسهم، ولهذا قال
صاحب الرحبية ـ لما ذكر الفروض المقدرة في كتاب الله ـ قال:
والثلثان وهما التمام ... فاحفظ فكل حافظ إمام
قال البقري ـ على قوله " فكل حافظ إمام " ـ: أي مقدم على غيره
ممن لم يكن مثله، بأن كان أدون حفظاً، أو لم يحفظ شيئاً. أ. هـ .
وقال ابن غليون ـ في شرح البيت السابق ـ: اي مقتدى به مقدم على غيره، فمن
جدّ وجد، ومن فرش رقد، ومن زرع حصد، ومن كسل نال الهم، والندم، والنكد.
أهمية الحفظ :
قيل: من
حفظ المتون حاز الفنون.
وقيل: من
لم يكن علمه في صدره صعب عليه استحضاره.
قال
أعرابي: حرف في تامورك، خير من عشرة في كتبك. قال أبو عمر: التامور: علقة القلب.
عن يونس
بن حبيب أنه سمع رجلاً ينشد:
استودع العلم قرطاساً فضيعه ... وبئس
مستودع العلم القراطيس
فقال يونس: قاتله الله، ماأشد صيانته
للعلم وصيانته للحفظ.
ومما
ينسب إلى منصور الفقيه من قوله:
علمي معي
حيثما يممت أحمله ...
بطني
وعاء له لابطن صندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي ..
أو كنت في السوق كان العلم في السوق
وقال عبد
الرزاق: كل علم لا يدخل مع صاحبه الحمام فلا تعده علماً.
وقال
عبيد الله بن أحمد الصيرفي:
ليس بعلم ماحوى القمطر ... ما العلم إلا
ماحواه الصدر
فذاك فيه شرف وفخر ... وزينة جليلة
وقدر
وقال بعض
البصريين:
رب إنسان ملا أسفاطه ... كتب العلم وهو
بعد يخط
فإذا فتشته عن علمه ... قال علمي ياخليلي
في السفط
بكراريس جياد أحرزت ... وبخط أي خط أي خط
فإذا قلت له: هات، أرنا ... حك لحييه
جميعاً وامتخط
وقال
محمد بن بشير ـ في أبيات له:
إذا لم تكن واعياً حافظاً ... فجمعك
للعلم لاينفع
أشاهد بالعي في مجلس ... وعلمي في البيت
مستودع
ومن يك في علمه هكذا ... يكن دهره
القهقري يرجع
ذكر عن عمر بن شبه
كما ذكره الذهبي رحمه الله تعالى أنه كان يحفظ ستة عشر ألف أرجوزة في العلم.
وكان أحمد ابن الفرات لا يترك كل يوم إذا أصبح أن يحفظ شيئا وإن قل.
وكانت
كُتب أبي عمرو ابن العلاء ملء بيت فاحترق فكان جميع ما يؤخذ منه إلى آخر عمره من
حفظه.
أوقات الحفظ:
أحسن الأوقات أن يتشاغل به في وقت جمع
الهم، ومتى رأى نفسه مشغول القلب ترك التحفظ، ويحفظ قدر ما يمكن فإن القليل يثبت
والكثير لا يحصل.
وللحفظ أوقات ينبغي لمن أراده أن
يراعيها، فأجود أوقاته:
1 ـ السحر، آخر الليل.
2 ـ انتصاف النهار، عند الظهيرة.
3 ـ أول النهار دون آخره، أول النهار.
4 ـ حفظ الليل أصلح من حفظ النهار.
هذا في الكثير الغالب، وقد يناسب إنساناً مالا يناسب آخر، وكل يختار ماهو
أصلح له ..
عن الخطيب البغدادي أنه قال: أجود أوقات الحفظ الأسحار، ثم نصف النهار، ثم
الغداة، وحفظ الليل أحسن من حفظ النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع.
وقال إسماعيل بن أبي أويس: إذا هممت أن تحفظ شيئاً فنم، ثم قم عند السحر
فأسرج وانظر فيه فإنك لا تنساه بعد إن شاء الله .
وقيل لبعضهم: بم أدركت العلم؟ قال: بالمصباح والجلوس إلى الصباح.
وقال آخر: بالسفر والسهر، والبكور في السحر.
وقال بعضهم ينصح ولده بالحفظ في الليل:
أحب لك النظر في الليل، فإن القلب بالنهار طائر وبالليل ساكن.
وقال أبو بكر الخطيب البغدادي رحمه الله: المطالعة في الليل لخلو القلب،
فإن خلوه يسرع إليه الحفظ.
وقال أحمد بن الفرات: لم نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء في الحفظ، فأجمعوا
أنه ليس شيء أبلغ فيه إلا كثرة النظر، وحفظ الليل غالب على حفظ النهار.
وقال ابن جماعة الكناني رحمه الله:
الخامس في آداب المتعلم في نفسه: أن يقسم أوقات ليله ونهاره، ويغتنم ما بقي من
عمره، وأجود الأوقات للحفظ الأسحار، وللبحث الأبكار -جمع بكرة: وهي أول النهار-
وللمطالعة والمذاكرة الليل، وللكتابة وسط النهار.
وينبغي أن يريح نفسه من الحفظ يوما أو يومين ليكون ذلك كالبناء الذي يراح
ليستقر.
تربية الصبيان على الحفظ:
ينبغي لولي الصبي أن يجتهد معه في التحفظ للقرآن، وسائر العلوم، في صغره.
ومتى بلغ الصبي ولم يكن له همة تحثه على اكتساب العلم بعد فلا فلاح له.
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً وموقوفاً: " حفظ الغلام
الصغير كالنقش في الحجر، وحفظ الرجل بعدما يكبر كالكتابة على الماء " وهو
صحيح من حيث المعنى وإن لم يصح من جهة الرواية.
وقال علقمة: ما حفظت وأنا شاب كأني أنظر إليه في قرطاس أو ورقة.
وعن الحسن قال: قدموا إلينا أحداثكم فإنهم أفرغ قلوباً وأحفظ لما سمعوا،
فمن أراد الله أن يتمه له أتمه.
وعن معمر قال: جالست قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما سمعت منه شيئاً وأنا
في ذلك السن إلا وكأنه مكتوب في صدري.
أماكن الحفظ:
أجود أماكن الحفظ:
1 ـ الغرف دون السفل.
2 ـ كل موضع بعيد مما يلهي ويخلو القلب فيه عما يشغله.
3 ـ يتجنب الحفظ على شطوط الأنهار وقوارع الطرق وبحضرة الخضرة.
قال ابن الجوزي: الأماكن العالية للحفظ خيرٌ من السوافل، والخلوة أصلٌ،
وجمع الهم أصل الأصول، لذا ينبغي تفريغ الذهن من الشواغل.
الحفظ
شاق :
قال ابن الجوزي رحمه الله: ما رأيت أصعب على النفس من الحفظ للعلم والتكرار
له، خصوصاً تكرار ما ليس في تكراره وحفظه حظ مثل مسائل الفقه، بخلاف الشعر والسجع
فإن له لذة في إعادته وإن كان صعباً؛ لأن النفس تلتذ به مرة ومرتين، فإذا زاد
التكرار صعُب عليها، ولكن دون صعوبة الفقه وغيره من المستحسنات عند الطبع، فترى
النفس تخلد إلى الحديث والشعر والتصانيف والنسخ؛ لأنه يمر بها كل لحظة ما لم تره
فيكون هناك تجديد، فهو في المعنى كالماء الجاري لأنه جزء بعد جزء، لكن الحفظ ما هو
إلا إعادة لشيء موجود قد لا يشعر الشخص وهو يعيده بشيء جديد.
أخبار
الحفاظ :
1. أبو هريرة رضي الله عنه:
وأما الحفاظ فإن على رأسهم بعد الأنبياء الصحابة رضوان الله تعالى عليهم،
وعلى رأس الصحابة في الحفظ أبو هريرة رضي الله عنه، ومع ذلك ما حدث بكل ما حفظ،
وهو أكثر الصحابة رواية على الإطلاق وإنه كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليشبع بطنه، ويحضر مالا يحضرون، ويحفظ مالا يحفظون .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه: إنه لم يبسط أحدٌ ثوبه
حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمع إليه ثوبه إلا وعى ما أقول، فبسطت نمرة عليّ حتى قضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيت بعد مقالة رسول
الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء).
2. الإمام البخاري رحمه الله:
من الحفاظ الأجلاء وأعظم الحفاظ
على الإطلاق،
قال البخاري: تذكرت أصحاب أنس، فحضرني في ساعة ثلاثمائة.
قال أبو الأزهر: كان بـسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة
أيام، وأحبوا مغالطة البخاري، فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن
في إسناد الحرمين، فما تعلقوا منه بسقطةٍ لا في إسناد ولا في متن.
وقال محمد بن خميرويه: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أحفظ مائة ألف حديث
صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح، أي: لكي ينبه الأمة على الأحاديث الصحيحة،
ويفلي الأحاديث الصحيحة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
فالرقم هذا قد يبدو للبعض مبالغاً فيه، لكن قال الذهبي رحمه الله: ما على
وجه الأرض من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام قرابة عشرة آلاف حديث صحيح، فإن قال
البخاري: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، فإنه يقصد الطرق والشواهد والمتابعات
والمقاطيع، وغير ذلك، الطرق بأنواعها وأصنافها.
3. أحمد بن حنبل رحمه الله:
قال أبو زرعة: كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث، فقيل له: وما يدريك؟
قال: ذاكرته وأخذت عليه الأبواب.
وقال عبد الله بن أحمد قال لي أبي: خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع من المصنف،
فإن شئت تسألني عن الكلام حتى أخبرك الإسناد، وإن شئت الإسناد حتى أخبرك عن
الكلام.
4. إسحاق بن راهويه رحمه الله:
قال ابن هشرم: كان إسحاق بن راهويه يملي علي سبعين ألف حديث حفظاً.
وقال أبو إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: أعرف مكان مائة ألف حديث كأني انظر
إليها، وأحفظ منها سبعين ألف حديث من ظهر قلب صحيحة، وأحفظ أربعة آلاف حديث مزورة،
فقيل: ما معنى المزورة تحفظها؟ قال: إذا مر بي منها حديث في الأحاديث الصحيحة،
فليته منها فلياً.
5. بكر بن محمد الحنفي رحمه الله:
وكان بكر بن محمد الحنفي إذا طلب منه المتفقه الدرس ألقى عليه من أي موضع
شاء من غير مطالعة كتاب، يسرد له من هنا ومن هنا من أي مكان في الكتاب،
وسئل عن مسألة، فقال: هذه أعدتها في برج من حصن بخارى أربعمائة مرة.
6. سليمان بن داود الطيالسي رحمه الله:
قال عمر بن شبة: كتبوا عن أبي داود أربعين ألف حديث وليس معه كتاب.
7. سفيان الثوري رحمه الله:
قال: ما استودعت أذني شيئاً قط إلا حفظته، حتى أمر بكذا، فأسد أذني مخافة
أن أحفظها، وفي رواية: أمر بالحائك يغني فأسد أذني. لأنها لو دخلت لما خرجت.
8. الشعبي رحمه الله:
قال ابن شبرمة: سمعت الشعبي يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا،
وما حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده عليّ، ولقد نسيت من العلم
ما لو حفظه أحد لكان به عالماً.
عن الشعبي قال: لا أروي شيئاً أقل من الشعر ولو شئت لأنشدتكم شهراً لا
أعيد.
9. عبد الله بن أبي داود السجستاني رحمه الله:
قال إبراهيم بن شاذان: خرج أبو بكر بن أبي داود إلى سجستان -هذا الولد-
فاجتمع إليه أصحاب الحديث، وسألو أن يحدثهم فأبى، وقال: ليس معي كتاب، فقالوا له:
ابن أبي داود وكتاب؟!! قال: فأثاروني فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي، فلما
قدمت بغداد، قال البغداديون: مضى فلعب بالناس -نتحقق- فكتبوا كل ما قيل، وجاءوا
بها إلى بغداد، وعرضت على الحفاظ، فخطئوني في ستة أحاديث، منها ثلاثة حدثت بها كما
حُدثت -أي: حفظتها أصلاً خطأ- وثلاثة أحاديث أخطأت فيها.
10. أبو زرعة رحمه الله
قال أبو زرعة: في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة ولم أطالعه منذ كتبته، وإني
أعلم في أي كتاب هو، وفي أي ورقة هو، وفي أي صفحة، وفي أي سطر هو، وما سمعت أذني
شيئاً من العلم إلا وعاه قلبي، فإني كنت أمشي في سوق بغداد فأسمع من عزف المغنيات،
فأضع إصبعي في أذني مخافة أن يعيه قلبي.
وقال أبو زرعة الرازي: أحفظ مائتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان (قل هو الله
أحد) وفي المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث.
11. أبو عبد الله الختلي رحمه الله
وأبو عبد الله الختلي دخل وليس معه شيء من كتبه، فحدث شهوراً إلى أن لحقته
كتبه، أي: جاء إلى بلد مسافراً ولم تصل كتبه بعد، الكتب في الشحن، فحدث، قال: حدثت
بخمسين ألف حديث من حفظي، إلى أن لحقتني كتبي.
12. الحافظ الدارقطني رحمه الله
حضر في حداثة سنه مجلس إسماعيل الصفار، فجعل ينسخ جزءاً معه وإسماعيل
يُملي، الدارقطني يكتب وهو صغير، فقال له أحد الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ،
إذا أرادت أن تكون صحيح السماع، فلابد أن تسمع وتتفرغ للسماع، ولا يصلح أن تنشغل
بالكتابة، فقال الدارقطني: فهمي للإملاء غير فهمك، ثم قال: أتحفظ كم أملى الشيخ من
حديث إلى الآن؟ فقال: لا، فقال: أملى ثمانية عشر حديثاً فعد، قال: فعددت الأحاديث
فكانت كما قال، قال: الحديث الأول عن فلان عن فلان ومتنه كذا، والحديث الثاني عن
فلان عن فلان ومتنه كذا، فلم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في
الإملاء، حتى أتى على آخرها فتعجب الناس منه.
13. الجعابي رحمه الله
دخل الرقة وكان له قنطاران من الكتب، فأنفذ غلامه ليأتي بالكتب فضاعت، فرجع
الغلام مغموماً، قال: ضاعت الكتب، فقال: يا بني! لا تغتم، فإن فيها مائتي ألف حديث
لا يُشكل عليّ منها حديث، لا إسناداً ولا متناً. فسواء ضاعت الكتب أو ما ضاعت.
14.
ابن حزم رحمه الله
تعالى:
كان عنده مكتبه عظيمة جداً ، فوشى به
الناس، وأصبح السلطان يريد أن ينتقم منه فأمر بإحراق كتبه رحمه الله تعالى، فجاؤو
إليه وطرقوا عليه الباب، وأرادوا أن يحرقوا كتبه فماذا قال وهم يحرقون الكتب –
انظر إلى القوة- قال :
إن تحرقوا القرطاس لن تحرقوا الذي ...
حوى القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي ... وينزل إن أنزل ويدفـن في قبري
الأمور
المساعدة على الحفظ:
1. إخلاص النية:
كلما كان الإنسان أخلص لله كان حفظه أفضل وأشد بركة .
ما هي النية؟ هل هي للمباهاة؟ هل هي لمناقشة العلماء وإظهار العلم، أو
لمماراة السفهاء؟ أو لتصرف وجوه الناس إليك؟ إن كانت هذه هي النية فالنار النار.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إنما يحفظ الرجل على قدر نيته.
2. ترك المعاصي:
فالمعاصي كما ذكر ابن القيم رحمه الله
تُذهب العلم وتُنسي المحفوظات؛
قال محمد بن النضر: سمعت يحيى بن يحيى يقول: سأل رجل مالك: يا أبا عبد
الله، هل يصلح لهذا الحفظ شيء؟ قال: إن كان يصلح له شيء فترك المعاصي.
وقال علي بن خشرم: سألت وكيعاً، قلت: يا أبا سفيان تعلم شيئاً للحفظ؟ قال:
أراك وافداً، ثم قال: ترك المعاصي عون على الحفظ.
وقيل لـ سفيان بن عيينة: بم وجدت الحفظ؟ قال: بترك المعاصي.
3. المران ومجاهدة النفس:
قال الزهري رحمه الله: إن الرجل ليطلب وقلبه شعب من الشعاب -يطلب العلم
وقلبه شعب صغير- ثم لا يلبث أن يصير وادياً لا يوضع فيه شيء إلا التهمه.
وكان العلماء يقولون: كل وعاء أفرغت فيه شيئاً فإنه يضيق، إلا القلب فإنه
كلما أُفرغ فيه اتسع.
وقال بعض أهل العلم: كان الحفظ يثقل عليّ حين ابتدأت، ثم عودته نفسي إلى أن
حفظت قصيدة رؤبة: وقاتم الأعماق خاوي المخترقن
قال: حفظتها في ليلة. وهي قريب من مائتي بيت، وكانت هذه انطلاقة.
4. العمل بالمحفوظ : (استعمال الآثار وتوظيف السنن)
وهذا من أهم الأمور، وهو ثمرة العلم، ولاشك أن العمل بالعلم يزيد الحفظ.
فإن الله عز وجل نبهنا على العمل مراراً في القرآن الكريم، وأخبر أن
العاملين هم الناجون الفائزون يوم الدين، وأن الإثم في ترك العمل بالعلم،
والإمام أحمد رحمه الله ما كان يضع
حديثاً في مسنده إلا ويعمل به، حتى إنه احتجم وأعطى الحجام ديناراً، لأجل فعل
النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان إسماعيل بن إبراهيم بن مُجمع بن جارية يقول: كنا نستعين على حفظ
الحديث بالعمل به، فإذا عملت بالعلم كان ذلك سبباً عظيماً للحفظ.
5. تعليم العلم :
زكاة العلم، تبليغه إلى الناس، وكلما بلغته كلما رسخ في ذهنك؛ لأن التبليغ
نوع من التكرار والإعادة.
عن إسحاق بن راهويه قال: سألت وكيعاً عن الرجل يطلب العلم، وفي نيته أن
يذاكر به ويتحدث به أو نحو ذلك. أتراه يأثم في ذلك؟ قال: يا ابن أخي: عن حبيب بن
أبي ثابت قال: طلبنا هذا العلم ومالنا فيه نية ثم جاءت النية والعمل بعد.
وعن إبراهيم النخعي قال: من سره أن يحفظ الحديث فليحدث به ولو أن يحدث به
من لا يشتهيه فإنه إذا فعل ذلك كان كالكتاب في صدره.
6. فعل الطاعات :
قال بعض العلماء: ليس شيء أزيد للحفظ من قراءة القرآن نظراً، وقس عليه.
7. الأدعية والأذكار:
وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ماء زمزم لما شرب له) وقد شرب عدد من
العلماء ماء زمزم وهم يدعون الله أن يُعطيهم حافظة قوية.
وشرب ابن حجر ماء زمزم وسأل الله أن يُبلغه مرتبة الذهبي في الحفظ، فبلغه.
وقال الله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} فذكر الله مما يزيل النسيان،
سواء كان نسيان الذهن والذاكرة، أو كان نسيان غفلة، فإن ذكر الله علاجه.
8. التقلل من الدنيا :
قال ابن حجر رحمه الله فائدة في حديث أبي هريرة: وفيه أن التقلل من الدنيا
أمكنُ للحفظ. فأبو هريرة كان من المقللين الزاهدين.
9. عدم إرهاق النفس وإملالها:
فإذا تعب من الحفظ أخذ قسطاً من الراحة، وكيف كانت راحة العلماء؟ الإعادة
والتكرار، وللنسخ، وقراءة الأشعار والأمثال، والقصص والطرائف وغير ذلك.
ومعلوم أن الناس في الحفظ طاقات متفاوتة؛ فكيف يعرف طاقته ؟ بالتجربة.
وينبغي أن يجعل لنفسه مقدراً كلما بلغه وقف عليه لا يزيد؛ لأجل المراجعة.
قال سفيان: كنت آتي الأعمش ومنصور، فأسمع أربعة أحاديث وخمسة ثم انصرف
كراهة أن تكثر وتتفلت.
وقال بعضهم: من طلب العلم جملة فاته جملة.
وعن الزهري قال: إن هذا العلم إن أخذته بالمكابرة عسُر عليك، ولكن خذه مع
الأيام والليالي أخذاً رفيقاً تظفر به.
ما يعين على الحفظ من المأكولات:
إن التخمة من الأسباب المانعة من الحفظ، ولذلك كانوا يقللون الطعام؛ لأن
كثرة الطعام تتخم النفس وتجعل القلب مشغولاً ومثقلاً، ومن الأطعمة النافعة:
شُرب العسل وتناول الزبيب، والرمان الحلو، والحبة السوداء، واللبان على الريق.
عن ابن
جريج قال: قال الزهري عليك بالعسل فإنه جيد للحفظ.
وقال
الزهري أيضاً: من سره أن يحفظ الحديث فليأكل الزبيب .
"وينبغي
أن يستعمل ما جعله الله تعالى سبباً لجودة الذهن كمضغ اللبان والمصطكى على حسب
العادة وأكل الزبيب بُكْرة ".
قال علي رضي الله عنه: عليكم بالرمان الحلو فإنه صلوح المعدة، وشكا إليه
رجل النسيان فقال: عليك باللبان فإنه يشجع القلب ويذهب النسيان.
وكانوا يجتنبون الأشياء الحامضة، حتى كان
الزهري رحمه الله يجتنب التفاح الحامض، وكان العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه
الله يزجر أولاده زجراً شديداً إذا رأى مع أحدهم لبناً حامضاً.
وهذه الأشياء نسبتها في الحفظ قليلة، ونذكرها من باب جمعها وذكرها.
وكذلك إصلاح المزاج فبعض الأطعمة تؤثر في الأمزجة فتسبب تعكيراً، وتسبب
أشياء في المعدة، وشيئاً من الغثيان، والغثيان يضاد الحفظ.
فائدة
الحجامة :
جاء في الحديث الحسن عند ابن ماجة والحاكم وابن السني وأبي نعيم مرفوعاً من
حديث ابن عمر: (الحجامة على الريق أمثل، وفيها شفاء وبركة، وتزيد في الحفظ وفي
العقل). صحيح الجامع.
طرق
إحكام المحفوظ :
1. تكرار المحفوظ:
فهو الوسيلة الحقيقية للحفظ، ويحصل به الإتقان،
وكان أبو إسحاق الشيرازي يعيد الدرس مائة مرة، إذا أراد أن يحفظ درساً
أعاده مائة مرة، وكان الكيا من فقهاء الشافعية يعيده سبعين مرة، وكان الحسن بن أبي
بكر النيسابوري يقول: لا يحصل الحفظ لي حتى يُعاد خمسين مرة.
ولما سُئل البخاري رحمه الله تعالى عن سبب حفظه، قال كلاماً معناه: لم أجد
أنفع من مداومة النظر، الإعادة ومداومة النظر هما سبيل الحفظ.
2. المراجعة المستمرة بين الحين والحين:
إن القلوب تربٌ والعلم غرسها،
والمذاكرة ماؤها، فإذا انقطع عن التُرب ماؤها جف غرسها.
ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعاهدوا القرآن فإنه أشد تفصياً
من صدور الرجال -أشد هرباً من صدور الرجال- من النعم من عقلها) أي: الإبل التي
تحاول دائماً التفلت. تعاهدوا القرآن: أي كرر وراجع، ثم كرر وراجع دائماً.
ومراجعة الحفظ السابق أولى من حفظ شيء جديد، لأن المحافظة على رأس المال
أولى من جمع الأرباح.
قال الخليل بن أحمد: الاحتفاظ بما في صدرك أولي من درس ما في كتابك واجعل
كتابك رأس مالك، و ما في صدرك للنفقة.
3. مذاكرة المحفوظات مع الإخوان:
والمقصود بها هو الكلام في حضرة من هو
أحفظ منك، ليضبط لك ما لم تضبطه، ويفتح عليك ما نسيته، يضيف لك جديدا إن كان عنده .
وعن إبراهيم النخعي قال: إنه ليطول عليَّ
الليل حتى ألقي أصحابي فأذاكرهم.
وعن عبد الله بن المعتز قال: من أكثر
مذاكرة العلماء لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم.
وعن إبراهيم الأصبهاني قال: كل من حفظ
حديثاً فلم يذاكر به تفلت منه.
روي عن الزهري أنه كان يرجع إلى منزله وقد سمع حديثاً كثيراً، فيعيده على
جارية له من أوله إلى آخره كما سمعه، ويقول لها: إنما أردت أن أحفظه.
وكان غيره يعيد الحديث على الصبيان، يجلسهم في الطريق ويسرد عليهم حفظه،
لأجل الاسترجاع، إذا لم يلق أصحابه .
4. المداومة على الحفظ ولو على القليل:
وكانت طريقة الصحابة رضي الله عنهم أخذ عشر آيات يحفظونها ويفقهونها
ويعملون بها، وتعلم ابن عمر سورة البقرة في ثمان سنين وقيل غير لك.
وكان أحمد بن الفرات لا يترك كل يوم إذ أصبح أن يحفظ شيئاً وإن قلّ.
قال الحسن بن عبد الله العسكري ـ رحمه الله: ـ فإذا كان ما جمعته من العلم
قليلاً، وكان حفظًا كثرت المنفعة به، وإذا كان كثيرًا غير محفوظ قلَّت منفعته.
فإذاً: لابد من المداومة ؛ لأن بعضهم يحفظ أياماً ويترك أسابيع، وهذه
الذاكرة كلما استمر المران كلما ازدادت قابليتها للحفظ أكثر، وإذا تركتها انكمشت.
5. رفع الصوت بالقراءة:
لأن الجهر بالقراءة يجعل حاسة السمع مشتركة في الحفظ مع حاسة البصر، بل كلما
اشتركت حواس أكثر في الحفظ كان الحفظ أكثر، وهذه مسألة يختلف فيها الناس.
قال الزبير بن بكار: دخل علي أبي وأنا أروي في دفتر ولا أجهر -أروي فيما
بيني وبين نفسي- فقال: إنما لك من روايتك هذه ما أدى بصرك إلى قلبك، فإذا أردت
الرواية فانظر إليها واجهر بها، فإنه يكون لك ما أدى بصرك إلى قلبك وما أدى سمعك
إلى قلبك.
وعن أبي حامد أنه كان يقول لأصحابه: إذا درستم فارفعوا أصواتكم فإنه أثبت
للحفظ وأذهب للنوم، وكان يقول: القراءة الخفية للفهم -القراءة الخفية إذا أردت أن
تتدبر وتفكر وتنظر- والرفيعة -التي فيها رفع صوت- للحفظ.
6. التمهل في القراءة :
كان بعضهم يقرأ الكتاب ثم يذاكر به حرفاً حرفاً كأن قارئاً يقرأه عليه
فيفسره له. أي: قراءة مبينة، مفسرة، مترسلة، بطيئة، حتى يكون أرسخ علماً.
7. حسن الاستماع لما يراد حفظه :
عن سفيان قال: كان يُقال: أول العلم: الصمت، والثاني: الاستماع له وحفظه،
والثالث: العمل به، والرابع: نشره وتعليمه.
ونُقل عنه أنه قال: تعلموا هذا العلم، فإذا علمتموه فاحفظوه، فإذا حفظتموه
فاعملوا به، فإذا عملتم به فانشروه بين الناس، وقال هذا الناظم:
يا طالباً للعلم كي تحضى به ديناً ودنياً حظوة تعليه
اسمعه ثم احفظه ثم اعمل به لله ثم انشره في أهليه
8. التدرج والاقتصاد :
تقليل المحفوظ مع المداومة على الحفظ أصل عظيم،
قال ابن الجوزي: اعلم أن المتعلم يفتقر إلى دوام الدراسة، ومن الغلط
الانهماك في الإعادة ليلاً ونهاراً فإنه لا يلبث صاحب هذه الحال إلا أياماً ثم
يفتر ويمرض، فمن الغلط تحميل القلب حفظ كثير أو الحفظ من فنون شتى، فإن القلب
جارحة من الجوارح، فمن الناس من يحمل مائة رطل، ومنهم من يعجز عن حمل عشرين رطلاً،
فكذلك هذه القلوب أوعية بعضها يستوعب كثيراً وبعضها يستوعب قليلاً، فليأخذ الإنسان
على قدر قوته، فإنه إذا استنفذ القوة في وقت ضاعت منه أوقات، والصواب أن يأخذ قدر
ما يُطيق ويعيده في وقتين من النهار والليل.
فكم ممن ترك الاستذكار بعد الحفظ فأضاع زمناً طويلاً في استرجاع محفوظه،
أي: أنه ينبغي على الإنسان أن يراجع باستمرار؛ لأنه إذا راجع وحفظ بتأني سهل عليه
الاسترجاع، وإذا حفظه دُفعة واحدة الآن صعب عليه أن يسترجعه فيما بعد.
9. السعي للتذكر :
ينبغي لكي يمرن ذاكرته أن يتوقف يتذكر، ويعتصر ذهنه وذاكرته حتى يتذكر؛ لكي
يدرب الذهن والذاكرة على استرجاع المعلومات.
10. كثرة الدرس:
لأن الذي
يحفظ سريعًا ينسى سريعًا.
قال ابن الجوزي: الطريق في إحكامه كثرة الإعادة، والناس يتفاوتون في ذلك:
فمنهم من يثبت معه المحفوظ مع قلة التكرار، ومنهم من لا يحفظ إلا بعد التكرار
الكثير، فينبغي للإنسان أن يعيد بعد الحفظ ليثبت معه المحفوظ، ولاسيما في حفظ القرآن
الكريم.
وقد قيل: السبق حرف والتكرار ألف.
وقيل: حفظ حرفين خير من سماع وِقْرَيْن، وفهم حرفين خير من حفظ سطرين،
والوِقْر: الحمْل الثقيل.
وقال الخليل بن أحمد الشجري ـ رحمه الله تعالى: ـ
اخدم العلم خدمة المستفيد ... وأدم درسه بفعل حميد
وإذا ماحفظت شيئاً أعده ... ثم أكده غاية التأكيد
ثم علقه كي تعود إليه ... وإلى درسه على التأبيد
فإذا ما أمنت منه فواتاً ... فانتدب بعده لشيء جديد
مع تكرار ما تقدم منه ... واقتناء لشأن هذا المزيد
11. الضوء الطبيعي الخافت الذي لا يضر العين:
فهو أنفع للمذاكرة من الضوء الساطع الذي يشغل
العين ويضرها.
قال الشافعي: الظلمة أضوء للقلب.
وذكر عن البخاري رحمه الله أنه كتب
تاريخه الكبير على ضوء القمر.
ولكن لا يكون الضوء خافتا خوف المضر بالنظر، بحيث يجهد نفسه وعينه.
12. المداومة على طلب العلم والمذاكرة:
قال المنصور ابن المهدي المأمون: أيحسن بمثلي
أن يتعلم؟ فقال: والله لأن تموت طالبًا للعلم خيرا أن تموت قانعًا بالجهل.
وقال بعضهم: متى تبلغ من العلم مبلغًا يرضى وأنت تؤثر النوم على الدرس
والأكل على القراءة.
وذكر عن النضر بن شميل: " لن تجد لذة العلم حتى تجوع وتنسي أنك جائع.
وكان الخليل بن احمد يقول: أثقل ساعات
عليَّ ساعة آكل فيها.
13. عدم التقصير في الحفظ والمداومة علي طلب العلم:
وعند الحكماء: أن من تبرم بالعلم والعلماء، ومن يقدر علي حفظ العلم والآداب
وهو مقصَّر فيه فليس بإنسان كامل. والكامل من الناس من عرف فضل العلم ثم إن قدر
عليه طلبه.
وروي أن رجلاً قال لخالد بن صفوان: مالي إذا رأيتكم تذاكرون الأخبار
وتدارسون الآثار وتناشدون الأشعار وقع عليَّ النوم؟. فقال لأنك حمار في مسلاخ
إنسان.
وذكر عن سليمان الداري قال: إذا رأيت الرجل ينام عند الحديث فأعلم أنه لا
يشتهيه فإن كان يشتهيه طار نعاسه.
آفات الحفظ:
1 ـ السرحان:
وهو انتقال الذهن من الموضوع إلى موضوع جانبي، سواء كان ذا أهمية أم لا.
ومن أعظم الطرق لقطع السرحان استعمال الورقة والقلم في المذاكرة، فيلخص
الباب الذي يذاكره، ثم يبدأ في حفظها، وهكذا..
2 ـ
الملل:
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: :يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا
مِنْ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ".
وللملل أسباب:
منها: صعوبة المادة التي يريد الطالب
دراستها،
ومنها: عدم وضوح الهدف
ومنها: فقدان الثقة بالنفس
وعلاجها: بحفظ متن صغير في علم من العلوم واستظهاره أمام الأقران، أو دراسة
مسألة دراسة جيدة واستظهارها.
ومنها: عدم الهمة أو ضعفها: وهذه تعالج
بالقراءة في سير السابقين من العلماء
ومنها: قلة الصبر واستعجال قطف الثمرة
قبل أوانها
وعلاج ذلك: أن يضع في يقينه أن العلم لا يعطيه بعضه حتى يعطيه هو كله. وأن
المشاهير من أهل العلم لم يحظوا بذلك إلا بعد عناء سنين في الطلب والتبليغ.
ومنها: أسلوب المذاكرة الخاطئ، فيقطع شوطًا من الزمن دون أن يحقق شيئا.
ومنها: عدم التشجيع أو قلته ممن حول
الطالب:
وعلاجه: أن يدرب نفسه على تشجيع نفسه بنفسه.
ومنها: التثبيط من الجهلة والحاقدين
3 ـ
النسيان
وله أسباب:
- الإستهانة بأداء فرئض الله وتعدي حدوده.
قال الضحاك بن مزاحم رحمه الله تعالى: مامن أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا
بذنب يحدثه وذلك بأن الله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}. ونسيان القرآن من أعظم المصائب.
- كثرة الأكل.
قال ابن الجوزي: اعلم أن نسيان المحفوظ من أمراض الدماغ، وذلك يكون غالبا
من سوء مزاج بارد رطب، يرطب الدماغ، وذلك يكون من كل ما يولد خلطا بلغميا وفيه
تبخير، ويتولد كثيرا من أكل البصل واللحم، وكثرة أكل الفواكه.
- الإجهاد والسهر المضني.
- كثرة الاهتمام بأمور الدنيا والانشغال عن مراجعة المحفوظ:
ومنها: زحمة الأفكار في رأس الطالب، مما
يؤدي إلى تشتت الذهن
ومنها: قلة المراجعة لما يحفظه
ومنها: النشاط والحركة المجهضة للأعصاب والبدن
بعد الحفظ
ومنها: الحفظ الكثير المتراكم من غير
راحة للذهن
ومنها: إجبار النفس على الحفظ من غير
رغبة
ومنها: مرض ما يصيب بعض الناس فيؤثر في الذاكرة، أو أمراض تتراكم على
الطالب فتؤثر على مراجعته وبالتالي تؤثر على حفظه
ومنها: الحفظ علي جوع زائد أو شبع زائد
ومنها: عدم مدارسة العلم مع الأقران
والعلماء
ومنها: عدم انشغال الذهن بما يحفظه
ومنها: عدم اختيار المكان المناسب للحفظ
ومنها: عدم فهم ما يحفظه الطالب
ومنها: نقص الغذاء عند البعض
ومنها: انشغال الطالب بالدنيا أكثر من العلم، وهذه هي الطامة الكبرى التي
تقضي على طلب العلم، والعلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك.
فعلى طالب العلم أن يقدم العلم على الدنيا؛ بمعنى أن يكون العلم همه الوحيد
وفكره الشاغل، والدنيا لا تأخذ منه غير بعض الوقت والجهد البدني. فطالب العلم
الجاد هو الذي يكون العلم همه وفكره في نومه وعمله وطعامه وشرابه وسيره. حتى
يستفيد من كل الوقت، ويستفيد ممن حوله.
أبحاث
متعلقة بالذاكرة:
1/ الذاكرة في الإنسان مثل العضلة في
الجسم، كلما زدت في تمرينها واعتنيت بها كبرت وتوسعت، وإذا أهملتها تضاءلت وضعفت.
2/ إذا استمر أي شخص في الحفظ والمراجعة بقيت ذاكرته قوية ونشيطة، مادام
عقله سليماً فاعلاً قادراً على التركيز وإن جاوز الخمسين، أي: يستطيع أن يحفظ وإن
جاوز الخمسين مادام مواظباً على المراجعة والحفظ ومادام عقله موجوداً.
3/ إن الذاكرة عند الكثيرين غير مستغلة، وبإمكان الذاكرة أن تتسع لأعداد
خيالية من الجزئيات والمعلومات.
وقالوا: ليست كثرة المعلومات هي التي تشوش الذاكرة، وإنما الطريقة الخاطئة
في إدخال المعلومات واستخراجها، وضعف القُدرة على التركيز والتفكير.
4/ إن التكرير كان ولا يزال هو الوسيلة التقليدية للحفظ، ولكن التكرار له
قواعد ينبغي الالتزام بها.
5/ العقل كالجسم يتعب عند الاستهلاك الشديد، ويحتاج إلى فترة راحة، ومن
النادر أن تتعدى فترة التركيز عند أي شخص ساعة أو ساعة ونصف، وبعد ذلك يتوتر
الجهاز العصبي، ويبدأ الذهن في رفض المعلومات التي تصل إليه، فلابد أن يتخلل فترات
قصيرة من الراحة والاسترخاء بتجديد الوضوء، ودخول الخلاء، وشرب شيء من المباحات.
6/ كلما ازداد الاهتمام بالموضوع، وأحس الشخص بأهميته كان حفظه أسرع وأشد،
وكلما كان كارهاً مرغماً كان الذهن أسرع في الشرود، ويكون الحفظ أصعب.
7/ إذا تخيلت صوراً لما تحفظ يكون حفظك أثبت، مثلاً: إذا أراد إنسان أن
يحفظ آيات فيها بناء الكعبة، فلو أنه وضع في ذهنه صورتها مثلاً والطائفين حولها،
أو البناء كيف يبنى وهو يقرأ ليحفظ، ربما يكون أثبت له.
8/ الترتيب والتصنيف، فلو أخذنا مثلاً عشرين أداة من الأدوات وجعلناها
مبعثرة، فإذا أردت أن تحفظها جميعاً يكون أصعب من أن لو صنفتها فوضعت مثلاً أدوات
الطبخ جانباً، وقلت: هذه في خانة، وأدوات الكتابة جانباً، وقلت: هذه في خانة
وهكذا..
أنواع المحفوظ :
إن
المحفوظات التي ينبغي العناية بها يجمعها ثلاثة أشياء :
1- النص الشرعي:
2- المتن العلمي :
3- النص الأدبي :
فأما النص الشرعي فشيئان :
أولا: القرآن الكريم:
لأنه أصل العلوم ورأسها ، ولقد جاء في
كتاب الله ما يدل على أهمية حفظ كتابه فقال: { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من
مدكر } أي هيأناه للحفظ .
وكان جبريل يراجع حفظ النبي عليه الصلاة والسلام كل سنة مرة، وفي السنة
التي تُوفي فيها صلى الله عليه وسلم راجع معه الحفظ مرتين.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن
حافظ القرآن له منزلة رفيعة فقال: (مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ
حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ
وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ)
وقال صلى الله عليه وسلم : يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ
اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ
مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا .
وقال ابن الجوزي : (فإن الله عز وجل خَصَّ أمتنا
بحفظ القرآن والعلم، وقد كان من قبلنا يقرأون كتبهم من الصحف، ولا يقدرون على
الحفظ).
وقال النووي رحمه الله تعالى: " وأول مايبتدئ به حفظ القرآن العزيز،
فهو أهم العلوم، وكان السلف لا يعملون الحديث والفقه إلا لمن يحفظ القرآن، وإذا
حفظه فليحذر من الاشتغال عنه بالحديث والفقه وغيرهما، اشتغالاً يؤدي إلى نسيان شيء
منه، أو تعريضه للنسيان، لا، بالقرآن. قلت: أعلمه كله؟ قال: إلا أن يعسر، فتعلمه
منه.
عن الوليد بن مسلم قال: كنا إذا جالسنا الأوزاعي، فرأى فينا حدثاً، قال: يا
غلام! قرأت القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: اقرأ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي
أَوْلادِكُمْ} وإن قال: لا. قال: اذهب تعلم القرآن قبل أن تطلب العلم.
وكان يحيى بن يمان إذا جاءه غلام استقرأه رأس سبعين من الأعراف، ورأس سبعين
من يوسف، وأول الحديد، فإن قرأها حفظاً حدثه، وإلا لم يحدثه.
وقال أهل العلم: وإن أقواماً يصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه، وإن
كان كل العلوم حسناً، ولكن الأولى تقديم الأهم والأفضل، وأفضل ما تُشوغل به حفظ
القرآن الكريم: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}.
والثاني: حفظ السنة النبوية:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ندب لحفظها، ومن أمثلة ذلك ما أخرجه البخاري
رحمه الله في صحيحه في كتاب العلم: باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد
القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من وراءهم.
وبوب
البخاري في صحيحه بعنوان:"حفظ العلم"؛ ليبيّن أهمية الحفظ ومكانته.
وفي
الباب إشارة لحافظ الإسلام، وإمام المتقنين: أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، قال
الحافظ ابن حجر : (لم يذكر في الباب شيئا عن غير أبي هريرة؛ وذلك لأنه كان أحفظ
الصحابة للحديث).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ
وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ)
وقوله
عليه الصلاة والسلام:"رحم الله امرءا سمع مني حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب
حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه".
كلُ العلومِ سوى القُرآنِ مشغلة
العلمُ ما كان فيه قال حدَّثنا |
إلا الحديثَ وعلمَ الفقهِ في الدينِ
وما سوى ذاك وَسْوَاسُ الشياطينِ |
وحفظ الحديث على ضربين: ـ
أحدهما: حفظ ألفاظه وعد حروفه
والآخر: حفظ معانية دون اعتبار للفظه.
ومراتب حفظ السنة ثلاثة:
1) المرتبة الدنيا: وفيها نوعان:
1- حفظ جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم بحفظ :
" الأربعين النووية " مع زيادات ابن رجب.
2- حفظ أصول أحاديث الأحكام من الصحيحين ، وذلك بحفظ :
" عمدة الأحكام للمقدسي ".
2) المرتبة الوسطى: وفيها ثلاثة أنواع:
1- أحاديث الأحكام : بحفظ " بلوغ المرام " لابن
حجر، مع ما زاده المجد أبو البركات عليه في " منتقى الأخبار " .
2- أحاديث الأذكار: بحفظ أو تكرار " الأذكار "
للنووي.
3- أحاديث الآداب : " رياض الصالحين " للنووي
بتكراره.
3) المرتبة العليا: على النحو التالي:
1- حفظ الجمع بين الصحيحين : مثل كتاب " اللؤلؤ
والمرجان " للأشقر.
2- حفظ ما انفرد به البخاري ثم مسلم، ثم زوائد السنن على
الصحيحين.
ثالثا: حفظ المتون
العلمية:
قال النووي رحمه الله تعالى: " وبعد حفظ القرآن، يحفظ من كل فن
مختصراً , ويبدأ بالأهم، ومن أهمها الفقه والنحو، ثم الحديث والأصول، ثم الباقي
على ماتيسر، ثم يشتغل باستشراح محفوظاته.."
وقال ابن جماعة رحمه الله تعالى: " ثم يحفظ من كل فن مختصراً يجمع فيه
بين طرفيه، من الحديث وعلومه، والأصولين، والنحو، والتصريف، ولا يشتغل بذلك كله عن
دراسة القرآن، وتعهده، وملازمة ورده منه في كل يوم، أو أيام، أوجمعة ـ كما تقدم ـ
وليحذر من نسيانه بعد حفظه، فقد ورد فيه أحاديث تزجر عنه "
وقال مرتضي ال زّبيدي رحمه الله تعالى في ألفية السند:
فإن أنواع العلوم تختلط ... وبعضها بشرط بعض مرتبط
فما حوى الغاية في ألف سنة ... شخص فخذ من كل فن أحسنه
بحفظ متن جامع للراجح ... تأخذه على مفيد ناصح
ثم مع الفرصة فابحث عنه ... حقق ودقق مااستمد منه
لكن ذاك باختلاف الفهم ... مختلف وباختلاف العلم
فالمبتدي كالفدْم لا يطيق ... بحثا بعلم وجهه دقيق
قال السعدي: " أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصرات الفن الذي يشتغل
به، فإن تعذر، أو قصر عليه حفظه لفظاً، فليكرره كثيراً، حتى ترسخ معانيه في قلبه،
ثم تكون باقي كتب الفن كالتوضيح والتفسير لذلك الأصل الذي أدركه وعرفه .. واجتهد
في فهم هذه المتون وراجع عليها ماتيسر من شروحها، أو كتب فنها، فإنها كالشروح لها
لأن طالب العلم إذا حفظ الأصول، وصار له ملكة تامة في معرفتها، هانت عليه كتب الفن
كلها الصغار والكبار، ومن ضيع الأصول حرم الوصول."
وفي الشقاق النعمانية في ترجمة علاء الدين علي بن محمد القوشجي رحمه الله
تعالى: "وقد جمع عشرين متناً في مجلدة واحدة، كل متن من علم، وسماه "
محبوب الحمائل " وكان بعض غلمانه يحمله ولا يفارقه أبداً، وكان ينظر فيه كل
وقت، يقال إنه حفظ كل مافيه من العلوم "
وكثير من الناس ثكلوا الوصول بتركهم الأصول، وحقه أن يكون قصده من كل علم
يتحراه التبلغ به إلى مافوقه حتى يبلغ به النهاية.
قال بعضهم:
لقد أصبحتُ في ندمٍ وهَمٍ ... ومايغني التندم ياخليلي
مُنعت من الوصول إلى مَرامي ... بما ضيّعت من حفظ الأصولِ
أقسام المتون:
1 ـ متون منثورة، وهي الأكثر.
2 ـ متون منظومة في أبيات الشعر يسمى الشعر التعليمي، وتكون غالباً من بحر
الرجز ، وقد تكون من غيره.
والغرض منها: جمع المسائل الأولية البسيطة في متون صغيرة، بعبارة سهلة،
لتكون بداية لشُداة الفقه، لكنها لم تستمر كذلك، بل بالغ بعض المتأخرين في إيجاز
بعض المتون إلى درجة الإلغاز.
وقد
قسم العلماء المتون إلى ضربين :
1)
متن في علم الغاية ، وذلك على ما يلي :
1-
علم التوحيد : وفيه " كتاب التوحيد " للإمام محمد بن عبد الوهاب، ومتن
" العقيدة الواسطية " لابن تيمية .
2-
علم الفقه : وفيه متن " دليل الطالب " لمرعي الكرمي " بكثرة
التكرار.
3-
علم التفسير : وفيه كتاب " اليسير في اختصار ابن كثير " بقراءته كثيرا
4-
علم السيرة النبوية : بقراءة " تهذيب سيرة ابن هشام " لعبد السلام
هارون.
2)
علم الآلة :
1-
علم النحو : " ألفية ابن مالك " .
2-
علم الصرف : وفيه " مختصر العزي " بالتكرار .
3-
علم البلاغة : وفيه " نظم الجوهر المكنون " للأخضري .
4-
علم المنطق : وفيه " السلم المنورق " نظم للأخضري .
5-
أصول الفقه : " مختصر الروضة " للطوفي، ونظم " مراقي السعود"
للعلوي
6-
القواعد الفقهية : وفيه " منظومة القواعد الفقهية " للسعدي.
7-
علم مصطلح الحديث : " نخبة الفكر " لابن حجر، " وألفية العراقي
" .
8-
أصول التفسير : وفيه " الإتقان " للسيوطي، بالقراءة والتكرار.
9-
علم تجويد القرآن: وفيه " تحفة الأطفال " للجمزوري، " والجزرية
".
3)
النص الأدبي:
1-
الشعر: وهو ضربان:
-
شعر مشهور: كالمعلقات السبع، ولامية الشنفري.
-
شعر مختار : وفيه " مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي " لأحمد قبّش.
2-
النثر، وأهمه شيئان :
-
المقامات : وأحسنها
" مقامات الحريري ".
-
الأمثال : وأحسنها
" مجمع الأمثال " لأبي الفضل الميداني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق