الأربعاء، 16 أغسطس 2017

أعياد المسلمين

أعياد  المسلمين

§       قال بعض العارفين : ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله فالغافل يفرح بلهوه و هواه و العاقل يفرح بمولاه.
§       لما قدم النبي e المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما فقال : [ إن الله قد أبدلكم يومين خيرا منهما يوم الفطر و الأضحى ] فأبدل الله هذه الأمة بيومي اللعب و اللهو يومي الذكر و الشكر و المغفرة و العفو .
§       في الدنيا للمؤمنين ثلاثة أعياد عيد يتكرر فهو يوم الجمعة و هو عيد الأسبوع .
§       في شهود الجمعة شبه من الحج و روي : أنها حج المساكين .
§       قال سعيد بن المسيب : شهود الجمعة أحب إلي من حجة نافلة و التبكير إليها يقوم مقام الهدي على قدر السبق فأولهم كالمهدي بدنة ثم بقرة ثم كبشا ثم دجاجة ثم بيضة وشهود الجمعة يوجب تكفير الذنوب إلى الجمعة الأخرى إذا سلم ما بين الجمعتين من الكبائر كما أن الحج المبرور يكفر ذنوب تلك السنة إلى الحجة الأخرى .
§       أما العيدان اللذان لا يتكرران في كل عام و إنما يأتي قال واحد منهما في العام مرة و احدة فأحدهما : عيد الفطر من صوم رمضان و هو مترتب على إكمال صيام رمضان .
و العيد الثاني : عيد النحر و هو أكبر العيدين و أفضلهما و هو مترتب على إكمال الحج و هو الركن الرابع من أركان الإسلام و مبانيه، فإذا أكمل المسلمون حجهم غفر لهم، و إنما يكمل الحج بيوم عرفة و الوقوف بعرفة فإنه ركن الحج الأعظم كما قال e : [ الحج عرفة و يوم عرفة هو يوم العتق من النار ] فيعتق الله من النار من وقف بعرفة و من لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من شهد الموسم منهم و من لم يشهده لا شتراكهم في العتق و المغفرة يوم عرفة و إنما لم يشترك المسلمون كلهم في الحج كل عام رحمة من الله و تخفيفا على عباده فإنه جعل الحج فريضة العمر لا فريضة كل عام و إنما هو في كل عام فرض كفاية بخلاف الصيام فإنه فريضة كل عام على كل مسلم، فإذا كمل يوم عرفة و أعتق الله عباده المؤمنين من النار اشترك المسلمون كلهم في العيد عقب ذلك و شرع للجميع التقرب إليه بالنسك و هو إراقة دماء القرابين، فأهل الموسم يرمون الجمرة فيشرعون في التحلل من إحرامهم بالحج و يقضون تفثهم و يوفون نذورهم و يقربون قرابينهم من الهدايا ثم يطوفون بالبيت العتيق، و أهل الأمصار يجتمعون على ذكر الله و تكبيره و الصلاة له.
§       قال مخنف بن سليم و هو معدود من الصحابة : الخروج يوم الفطر يعدل عمرة و الخروج يوم الأضحى يعدل حجة ثم ينسكون عقب ذلك نسكهم و يقربون قرابينهم بإراقة دماء ضحاياهم فيكون ذلك شكرا منهم لهذه النعم و الصلاة و النحر الذي يجتمع في عيد النحر أفضل من الصلاة و الصدقة الذي في عيد الفطر ، لهذا أمر رسول الله e أن يجعل شكره لربه على إعطائه الكوثر أن يصلي لربه و ينحر و قيل له قل : { إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين } .
§       و في حديث زيد بن أرقم قيل : يا رسول الله ما هذه الأضاحي قال : [ سنة إبراهيم قيل له : فما لنا بها ؟ قال : بكل شعرة حسنة قيل : فالصوف ؟ قال : بكل شعرة من الصوف حسنة ] خرجه ابن ماجه و غيره فهذه أعياد المسلمين في الدنيا و كلها عند إكمال طاعة مولاهم الملك الوهاب و حيازتهم لما وعدهم من الأجر و الثواب مر قوم براهب في دير فقالوا له : متى عيد أهل هذا الدير ؟ قال : يوم يغفر لأهله ليس العيد لمن لبس الجديد إنما العيد لمن طاعاته تزيد ليس العيد لمن تجمل باللباس و الركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب في ليلة العيد تفرق خلق العتق و المغفرة على العبيد فمن ناله فمنها شيء فله عيد و إلا فهو مطرود بعيد.
§       و أما أعياد المؤمنين في الحنة فهي أيام زيارتهم لربهم عز و جل فيزورونه و يكرمهم غاية الكرامة و يتجلى لهم و ينظرون إليه فما أعطاهم شيئا هو أحب إليهم من ذلك و هو الزيادة التي قال الله تعالى فيها : { للذين أحسنوا الحسنى و زيادة } ليس للمحب عيد سوى قرب محبوبه.
§       كل يوم كان للمسلمين عيدا في الدنيا فإنه عيد لهم في الجنة يجتمعون فيه على زيارة ربهم و يتجلى لهم فيه و يوم الجمعة يدعى في الجنة : يوم المزيد و يوم الفطر و الأضحى يجتمع أهل الجنة فيهما للزيارة.
§       و روي أنه يشارك النساء الرجال فيهما كما كن يشهدن العيدين مع الرجال دون الجمعة فهذا لعموم أهل الجنة فأما خواصهم فكل يوم لهم عيد يزورون ربهم كل يوم مرتين بكرة و عشيا الخواص كانت أيام الدنيا كلها لهم أعيادا فصارت أيامهم في الآخرة كلها أعيادا .
§       قال الحسن : كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه و ذكره و شكره فهو له عيد أركان الإسلام التي بني الإسلام عليها خمسة : الشهادتان و الصلاة و الزكاة و صيام رمضان و الحج فأعياد عموم المسلمين في الدنيا عند إكمال دور الصلاة و إكمال الصيام و الحج يجتمعون عند ذلك اجتماعا عاما، فأما الزكاة فليس لها وقت معين ليتخذ عيدا بل كل من ملم نصابا فحوله بحسب ملكه و أما الشهادتان فإكمالها يحصل بتحقيقهما و القيام بحقوقها و خواص المؤمنين يجتهدون على ذلك في كل وقت فلذلك كانت أوقاتهم كلها أعيادا لهم في الدنيا و الآخرة .
§       و لما كان عيد النحر أكبر العيدين و أفضلهما و يجتمع فيه شرف المكان و الزمان لأهل الموسم كانت لهم فيه معه أعياد قبله و بعده فقبله و بعده فقبله يوم عرفة و بعده أيام التشريق و كل هذه الأعياد أعياد لأهل الموسم كما في حديث عقبة بن عامر عن النبي e قال : [ يوم عرفة و يوم النحر و أيام التشريق عيدنا أهل الإسلام و هي أيام أكل و شرب ] خرجه أهل السنن و صححه الترمذي و لهذا لا يشرع لأهل الموسم صوم يوم عرفة لأنه أول أعيادهم و أكبر مجامعهم و قد أفطره النبي e بعرفة و الناس ينظرون إليه و روي أنه نهي عن صوم يوم عرفة بعرفة
§       و روي عن سفيان بن عيينة : أنه سئل عن النهي عن صيام يوم عرفة بعرفة ؟ فقال : لأنهم زوار الله و أضيافه و لا ينبغي للكريم أن يجوع أضيافه و هذا المعنى يوجد في العيدين و أيام التشريق أيضا فإن الناس كلهم في ضيافه الله عز و جل لا سيما عيد النحر فإن الناس يأكلون من لحوم نسكهم أهل الموقف و غيرهم و أيام التشريق الثلاثة هي أيام عيد أيضا و لهذا بعث النبي e من ينادي بمكة : [ أنها أيام أكل و شرب و ذكر الله عز و جل فلا يصومن أحد ] .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق